وجه طاهر بن محمد بن عبد الله بن طاهر صاحب خراسان سليمان بن عبد الله عمه، لما بلغه اضطراب الأحوال وغلبة وصيف وبغا وغيرهما من الأتراك على أمر الخلافة، فيقال إن المعتز كتب إليه في ذلك، فصار سليمان إلى بغداد في خلق كثير من جند خراسان، ثم دخل إلى سر من رأى، والناس لا يشكون في أنه سيغلب، فخلع عليه ودبر وصيف وبغا أن ينحياه، فأمر بالرجوع إلى بغداد، فقدمها يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة 254.
وأغزى بغا عيسى بن شيخ إلى جند فلسطين، ورصده الأتراك ليقتلوه بابن نوشرى الذي كان قتله بالأردن، فخرج مستترا في يوم مطير في خيل جريدة، حتى فاتهم، وصار إلى فلسطين، فوجد بها أموالا قد حملت من مصر، فاحتبسها وفرض فروضا من العرب، وجمع إليه خلقا من ربيعة، وصاهر إلى كلب، وابتنى خارج مدينة الرملة حصنا سماه الحسامي.
ولما كثر الاضطراب تأخرت أموال البلدان، ونفد ما في بيوت الأموال، فوثب الأتراك بكرخ سر من رأى، فخرج إليهم وصيف ليسكنهم، فرموه فقتلوه وحزوا رأسه في سنة 253، وتفرد بغا بالتدبير، ثم تحرك صالح بن وصيف، واجتمع إليه أصحاب أبيه، فصار في منزلته، وضعف أمر المعتز حتى لم يكن له أمر ولا نهي. وانتقضت الأطراف، وخرج بديار ربيعة رجل من الشراة يقال له مساور بن عبد الحميد، ويعرف بأبي صالح، من بني شيبان، ثم صار إلى الموصل، فطرد عاملها، وسار حتى قرب من سر من رأى ونزل في المحمدية، ثلاثة فراسخ من قصور الخليفة، فدخل القصر، وجلس على الفرش، ودخل الحمام. وندب له المعتز قائدا وجيشا بعد قائد وجيش وهو يهزمهم، حتى كثف جمعه، واشتدت شوكته.
وتوفي مزاحم بن خاقان لخمس خلون من المحرم سنة 254، وصار مكانه ابن له يقال له أحمد، فلم يقم إلا أياما حتى اشتدت به العلة، وتوفي، وكانت ولايته ثلاثة أشهر، وتوفي في شهر ربيع الآخر، وصار على البلد ارخوز