بالانصراف، فانصرف، ولم يلق حربا، ولقي ابن شيخ اما جور التركي، عامل دمشق، فهزمه اما جور وقتل ابنه منصورا، ورجع ابن شيخ، فحمل عياله إلى صور وتحصن بها.
ووثب رجل من الطالبيين يقال له إبراهيم بن محمد من ولد عمر بن علي، ويعرف بالصوفي، بناحية صعيد مصر، ووثب أيضا في تلك الناحية رجل يقول إنه عبد الله بن عبد الحميد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فحارب السلطان، وقوي أمر صاحب البصرة، وصار إلى الأبلة فأخر بها، ووقعت بين أهل البصرة العصبية، حتى أحرق بعضهم منازل بعض.
وتنكر المهتدي للأتراك، وعزم على تقديم الأبناء، فلما علموا بذلك استوحشوا منه، وأظهروا الطعن عليه، فأحضر جماعة منهم، فضرب أعناقهم، وفيهم بابكباك رئيسهم، فاجتمع الأتراك وشغبوا، فخرج إليهم المهتدي في السلاح معلقا في عنقه المصحف، واستنفر العامة، وأباحهم دماءهم وأموالهم، ونهب منازلهم، فتكاثر الأتراك عليه، وافترقت عنه العامة حتى بقي وحده، وأصابته عدة جراح، ومر منصرفا حتى دخل دار رجل من القواد يقال له أحمد بن جميل، ولحقوه، فأخذوه، فحملوه على دوابه وجراحاته تنطف دما، فدعوه إلى أن يخلع نفسه، فأبى، ومات بعد يومين، وكانت وفاته يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة 256، وكانت خلافته سنة إلا أحد عشر يوما.