ربيعة لا يسد بها الثغور! فسمى نصر بن سيار الليثي، فقال: كأنه نصر وسيار، فقال: يا غلام اكتب عهده، فكتب العهد، وأمره أن يعاجل يوسف بن عمر، وكان نصر بن سيار قبل ذلك تولى كورة من كور خراسان، فعزل جعفر بن حنظلة وولي البلد.
وكان يوسف أخذ عمال خالد فحبسهم، وكان ممن أخذ: عيسى بن معقل العجلي، وعاصم بن يونس العجلي، وكان أبو مسلم، واسمه إبراهيم بن عثمان، قبل أن يسميه محمد بن علي عبد الرحمن، يخدم عيسى بن معقل، وقد سمعهم يتكلمون في دعوة بني هاشم حتى فهم الامر، وقد ارتحل سليمان بن كثير، ومالك بن الهيثم، وقحطبة بن شبيب يريدون مكة، فدخلوا السجن إلى عيسى بن معقل، وعاصم بن يونس، فرأوا أبا مسلم يختلف إليهم، ويذاكرهم هذا الامر، فأخرجوه معهم، وأدخلوه إلى محمد بن علي فكلمه، وقال:
إني لأحسب هذا الغلام صاحبنا بل هو هو، فاقبلوا قوله، وانتهوا إلى أمره، واستوصوا به، فإنه صاحب الامر لا شك فيه.
وبعض أهل العلم بالدولة يقول: إن أبا مسلم لم يلحق محمد بن علي، إنما لقي ابنه إبراهيم بن محمد بن علي.
وكان يزيد بن عبد الملك جعل ولاية العهد لابنه الوليد بن يزيد، فكانت الملاحاة لا تزال تجري بينه وبين هشام، فدخل الوليد يوما إلى هشام، فلم يجده في مجلسه، ووجد فيه خاله إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي، فقال له الوليد: من الرجل؟ متجاهلا به، فغضب ابن هشام، وقال: من لم يتم لجدك شرف إلا بمصاهرته. قال: وإنك لتقول هذا، يا ابن اللخناء!
وتنازعا كلاما قبيحا، وخرج هشام، وقد سمع الكلام، فأمسكا، ولم يقم إليه الوليد، فقال له هشام: كيف أنت يا وليد؟ قال: صالح. قال: ما فعلت طنابيرك؟
قال: مغلمة. قال: ما فعل جلساؤك جلساء السوء؟ قال: عليهم لعنة الله ان كانوا شرا من جلسائك. قال: أقيموه، فأخذ بيده، وأقيم من مجلسه.