ابن زيد حتى هرب من الحبس، وصار إلى بيهق من أرض ابرشهر فاجتمع إليه قوم من الشيعة، فقالوا: حتى متى ترضون بالذلة؟ واجتمع معه نحو مائة وعشرين رجلا، فرجع حتى صار إلى نيسابور، فخرج إليه عمرو بن زرارة القسري، وهو عامل نيسابور، فقاتل يحيى، فظهر يحيى عليه، فهزمه وأصحابه، وأخذوا أسلحتهم، ثم اتبعوهم حتى لحقوا عمرو بن زرارة فقتلوه.
وسار يحيى يريد بلخ، فوجه إليه نصر بن سيار سلم بن أحوز الهلالي، فسار سلم حتى صار إلى سرخس وسار يحيى حتى صار إلى باذغيس، وسبق إلى مرو الروذ، فلما بلغ نصرا ذلك سار إليه في جموعه، فلقيه بالجوزجان فحاربه محاربة شديدة، فأتت نشابة فوقعت في يحيى، وبادر القوم فاحتزوا رأسه، وقاتل أصحابه بعده، حتى قتلوا عن آخرهم.
وقدم في هذه السنة سليمان بن كثير، ومالك بن الهيثم، وقحطبة بن شبيب، وهم رؤساء دعاة بني هاشم، على محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بأموال وهدايا، ومعهم أبو مسلم، فقال لهم محمد: لن تلقوني بعد وقتي هذا، وأنا ميت في سنتي هذه، وكان ذلك في أول سنة 125، وصاحبكم ابني إبراهيم مقتول، فإذا قضى الله فيه قضاءه، فصاحبكم عبد الله بن الحارثية، فإنه القائم بهذا الامر، وصاحب هذه الدعوة الذي يؤتيه الله الملك، ويكون على يده هلاك بني أمية، وأخرجه إليهم حتى رأوه، وقبلوا يديه ورجليه، وقال لهم: إن عبد الرحمن صاحبكم، يعني أبا مسلم، فاسمعوا له وأطيعوا، فإنه القائم بهذه الدولة.
وتوفي محمد بن علي في آخر سنة 125، وهو ابن سبع وستين سنة، فلما بلغ القوم وفاة محمد بن علي، قدموا على إبراهيم بأبي مسلم وأعلموه أنه صاحب أمرهم أمره عليهم، ثم قال لقحطبة بن شبيب: وأنت والله الذي تلقى نباتة بن حنظلة، وعامر بن ضبارة، فتهزمهما، وتقاتل عساكرهما، ويفتح الله لك حتى تصير إلى الفرات لا ترد لك راية.