إن أمير المؤمنين أمرني أن أخرجك من الكوفة ساعة قدومك. قال: فأستريح ثلاثا، ثم أخرج. قال: ما إلى ذلك سبيل. قال: فيومي هذا. قال: ولا ساعة واحدة. فأخرجه مع رسل من قبله، فتمثل عند خروجه بهذه الأبيات:
منخرق الخفين يشكو الوجى * تنكبه أطراف مرو حداد شرده الخوف وأزرى به * كذلك من يكره حر الجلاد قد كان في الموت له راحة * والموت حتم في رقاب العباد فلما صار رسل يوسف بالعذيب انصرفوا، وانكفأ زيد راجعا إلى الكوفة، فاجتمع إليه من بها من الشيعة، وبلغ يوسف بن عمر، فوثب بينهم وكانت بينهم ملحمة، ثم قتل زيد بن علي، وحمل على حمار، فأدخل الكوفة، ونصب رأسه على قصبة، ثم جمع فأحرق وذري نصفه في الفرات ونصفه في الزرع، وقال: والله، يا أهل الكوفة، لأدعنكم تأكلونه في طعامكم وتشربونه في مائكم. وكان مقتل زيد سنة 121.
ولما قتل زيد، وكان من أمره ما كان، تحركت الشيعة بخراسان، وظهر أمرهم، وكثر من يأتيهم ويميل معهم، وجعلوا يذكرون للناس أفعال بني أمية، وما نالوا من آل رسول الله، حتى لم يبق بلد إلا فشا فيه هذا الخبر، وظهرت الدعاة ورئيت المنامات وتدورست كتب الملاحم، وهرب يحيى بن زيد إلى خراسان، فصار إلى بلخ، فأقام بها متواريا، وكتب يوسف إلى هشام بحاله، فكتب إلى نصر بن سيار بسببه، فوجه نصر جيشا إلى بلخ، عليهم هدبة بن عامر السعدي، فطلبوا يحيى حتى ظفروا به، فأتوا به نصرا، فحبسه في قهندز مرو.
وبلغ هشاما اضطراب خراسان، وكثرة من بها، فكتب إلى يوسف بن عمر: ابعث إلي برجل له علم بخراسان! فبعث إليه بعبد الكريم بن سليط بن عطية الحنفي، فسأله عن أمر خراسان وأهلها ومن بها ممن يصلح أن يولاها، فسمى له جماعة من قيس وربيعة، فكان إذا سمى رجلا من ربيعة قال: إن