وأخذ دوابه، فخرج إليه عمرو ومعه معن بن زائدة وعطية بن عبد الرحمن، فهزمه، وفرق أصحابه، وهرب مروان، فنادى عمرو: الناس كلهم آمنون إلا ابن المهلب، فدل عليه فقتله.
وأقدم هشام زيد بن علي بن الحسين، فقال له: إن يوسف بن عمر الثقفي كتب يذكر أن خالد بن عبد الله القسري ذكر له أن عندك ستمائة ألف درهم وديعة، فقال: ما لخالد عندي شئ! قال: فلابد من أن تشخص إلى يوسف ابن عمر حتى يجمع بينك وبين خالد. قال: لا توجه بي إلى عبد ثقيف يتلاعب بي، فقال: لابد من إشخاصك إليه، فكلمه زيد بكلام كثير، فقال له هشام:
لقد بلغني أنك تؤهل نفسك للخلافة، وأنت ابن أمة. قال: ويلك مكان أمي يضعني؟ والله لقد كان إسحاق ابن حرة وإسماعيل ابن أمة، فاختص الله عز وجل ولد إسماعيل، فجعل منهم العرب، فما زال ذلك ينمي حتى كان منهم رسول الله، ثم قال: اتق الله، يا هشام! فقال: أو مثلك يأمرني بتقوى الله؟ فقال: نعم! إنه ليس أحد دون أن يأمر بها، ولا أحد فوق أن يسمعها.
فأخرجه مع رسل من قبله، فلما خرج قال: والله إني لاعلم أنه ما أحب الحياة قط أحد إلا ذل. وكتب هشام إلى يوسف بن عمر: إذا قدم عليك زيد بن علي فاجمع بينه وبين خالد، ولا يقيمن قبلك ساعة واحدة، فإني رأيته رجلا حلو اللسان شديد البيان خليقا بتمويه الكلام، وأهل العراق أسرع شئ إلى مثله.
فلما قدم زيد الكوفة دخل إلى يوسف فقال: لم أشخصتني من عند أمير المؤمنين؟ قال: ذكر خالد بن عبد الله أن له عندك ستمائة ألف درهم.
قال: فأحضر خالدا! فأحضره وعليه حديد ثقيل، فقال له يوسف: هذا زيد ابن علي، فاذكر ما لك عنده! فقال: والله الذي لا إله إلا هو ما لي عنده قليل ولا كثير، ولا أردتم بإحضاره إلا ظلمه. فأقبل يوسف على زيد، وقال له: