ثم كلم في ذلك، وقيل له: إن في نزولك البرية إضرارا بالمسلمين، فخرج إلى دمشق، فنزل دار أبيه التي كانت إلى جانب المسجد، وأقام عشرين يوما، وكثر عليه الناس، فارتحل حتى صار إلى مدينة حلب، وكثر عليه الناس، فارتحل إلى مدينة حمص راجعا يريد أن ينزلها، فلما صار إلى أوائل حمص اعتل، فمال إلى موضع يعرف بدير سمعان، فنزله، ويقال: بل ارتحل إليه قاصدا يريد نزوله بسبب قطعة أرض كان ورثها عن أمه فيه، فلما صار إلى دير سمعان أتاه الخبر بخروج شوذب الحروري، فأمر بتوجيه جيش إليه، ووجه إليه شوذب برجلين من قبله يناظرانه، فقالا له: إنك أظهرت أفعالا حسنة، وأعمالا جميلة، ومما ننكر عليك ترك لعن أهل بيتك، والبراءة منهم.
فقال: وكيف يلزمني لعنهم؟ قالا: لأنهم من أهل المعاصي والذنوب، ولا يسعك غير ذلك. قال: متى عهدكم بلعن فرعون؟ قالوا: ما نذكر متى لعناه.
قال: فكيف يسعكم ترك لعنه، وهو من أهل الذنوب والمعاصي؟ أنتم قوم أردتم شيئا فأخطأتموه، ولقد أصبحتم بنعمة، ووعدكم كثير، وشوكتكم ضعيفة. فأقام أحدهما عنده، وانصرف الآخر.
وأتاه أبو الطفيل عامر بن واثلة وكان من أصحاب علي، فقال له: يا أمير المؤمنين! لم منعتي عطائي؟ فقال له: بلغني أنك صقلت سيفك، وشحذت سنانك، ونصلت سهمك، وغلفت قوسك، تنتظر الإمام القائم حتى يخرج، فإذا خرج وفاك عطاءك. فقال: إن الله سائلك عن هذا، فاستحيا عمر من هذا، وأعطاه.
وكانت ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي عند عبد الله ابن عبد الملك بن مروان، فهلك عنها، فخلف عليها الحجاج بن عبد الملك، فطلقها قبل أن يدخل عليها، فقدم محمد بن علي، وهو يريد الصائفة، فكلم عمر فيها، وقال: ابنة خالي كانت متزوجة فيكم، فإن تأذن أتزوجها.
قال عمر: ومن يحول بينك وبينها، وهي أملك بنفسها؟ فتزوجها وبنى بها