انطلقوا إلى الجنة بغير حساب، فتتلقاهم الملائكة، فيقولون: ما كان صبركم؟
فيقولون: صبرنا أنفسنا على طاعة الله، وصبرنا عن معاصي الله، فيقولون لهم:
ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين. ثم ينادي فيقول: ليقم جيران الله! فيقوم ناس من الناس، وهم الأقل، فيقال لهم: بم جاورتم الله في داره؟ فيقولون:
كنا نتجالس في الله، ونتذاكر في الله، ونتزاور في الله، فيقولون: ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين.
وقال: بئس القوم قوم ختلوا الدنيا بالدين، وبئس القوم قوم عملوا بأعمال يطلبون بها الدنيا.
وقال: إن المعرفة بكمال المرء تركه الكلام فيما لا يعنيه، وقلة مرائه، وصبره، وحسن خلقه.
وكتب ملك الروم إلى عبد الملك يتوعده، فضاق عليه الجواب، وكتب إلى الحجاج، وهو إذ ذاك على الحجاز: أن ابعث إلى علي بن الحسين فتوعده وتهدده وأغلظ له، ثم انظر ماذا يجيبك، فاكتب به إلي! ففعل الحجاج ذلك، فقال له علي بن الحسين: إن لله في كل يوم ثلاثمائة وستين لحظة، وأرجو أن يكفينك في أول لحظة من لحظاته. وكتب بذلك إلى عبد الملك، فكتب به إلى صاحب الروم كتابا، فلما قرأه قال: ليس هذا من كلامه، هذا من كلام عترة نبوته.
ومرض ثلاث مرضات في كل ذلك يوصي بوصية، فإذا برئ وأفاق أنفذها، وقال: كلكم سيصير حديثا، فمن استطاع أن يكون حديثا حسنا، فليفعل.
وكان يقول: ابن آدم لن تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همتك، وما كان لك الخوف شعارا، والحزن دثارا.
وكان عبد الملك قد كتب إلى الحجاج، وهو على الحجاز: جنبني دماء آل بني أبي طالب، فإني رأيت آل حرب لما تهجموا بها لم ينصروا. فكتب