ما ضره لو ألقى طرف ثوبه على وجهه، ثم تقدم حتى قتل؟ وقال مسلمة:
ما أجرأه إلا يبرح! فالتقيا بمسكن، فحاربه محاربة شديدة، ويزيد مبطون شديد العلة، وكان مسلمة يسميه الجرادة الصفراء، فلم يبرح حتى قتل، وكان ذلك في سنة 102.
وكان معاوية بن يزيد بن المهلب بواسط، فلما انتهى إليه خبر أبيه أخرج عدي بن أرطاة ومن كان معه، فضرب أعناقهم، وركب البحر حتى صار بمن كان من أهل بيته وأنصاره إلى قندابيل من أرض السند، إلى أن وافاهم هلال بن أحوز المازني بعث به مسلمة بن عبد الملك، فقتل معاوية وجميع من كان معه سوى نفر يسير أخذهم أسرى، فحملهم إلى يزيد بن عبد الملك، فقتلهم بدمشق، منهم عثمان بن المفضل بن المهلب، وحمل إليه من نساء المهلب خمسين امرأة، فحبسهن بدمشق.
وبعث مسلمة على خراسان سعيد بن عبد العزيز، فقصد السغد، فحاربهم محاربة شديدة، وأقام بسمرقند، فجاءته ملكة فرغانة، فقالت: إني أدلك على شئ فيه الظفر على أن تجعل لي ألا تغزي إلي جيشا، فأعطاها ما سألت، فقالت: إن السغد قد خلوا عن أرضهم، ونزلوا خجندة، وطلبوا إلينا أن ندخلهم بلادنا حتى يصالحوا العرب، أو يكون غير ذلك، وليس لهم في خجندة طعام ولا شراب ولا عدة لحصار، فإن أردتهم فالساعة. فبعث سعيد بن عبد العزيز سورة بن الحر الدارمي في الخيل ولحقهم بنفسه، فحصرهم في المدينة، فلما تخوفوا الهلاك دعوا إلى الصلح على أن يرجعوا إلى بلادهم، فقال:
على أن تخرجوا عن آخركم، فحفر لهم خندقا، فقال: اخرجوا! فخرجوا جميعا إلا رجلا منهم يقال له جليح، ثم خرج بالسلاح، وحارب المسلمين، وحارب معه قوم، فوثب عليهم سعيد والمسلمون، فقتلوهم قتلا ذريعا، وكبس بهم الخندق، وسبى الذرية، وغنم ما لم يغنم مثله.
وولى يزيد بن عبد الملك عمر بن هبيرة العراق مكان مسلمة، في هذه السنة،