فقدموا وأخروا، فاستشار علي بن أبي طالب، فأشار أن يفعل، فقال:
إن فعلت ظفرت. فقال: بشرت بخير! فقام أبو بكر في الناس خطيبا، وأمرهم أن يتجهزوا إلى الروم، فسكت الناس، فقام عمر فقال: لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لانتدبتموه. فقام عمرو بن سعيد فقال: لنا تضرب أمثال المنافقين يا ابن الخطاب، فما يمنعك أنت ما عبت علينا فيه؟ فتكلم خالد بن سعيد، وأسكت أخاه فقال: ما عندنا إلا الطاعة، فجزاه أبو بكر خيرا، ثم نادى في الناس بالخروج، وأميرهم خالد بن سعيد، وكان خالد من عمال رسول الله باليمن، فقدم وقد توفي رسول الله، فامتنع عن البيعة، ومال إلى بني هاشم، فلما عهد أبو بكر لخالد قال له عمر: أتولي خالدا وقد حبس عنك بيعته، وقال لبني هاشم ما قد بلغك؟ فوالله ما أرى أن توجهه. فحل لواءه، ودعا يزيد بن أبي سفيان، وأبا عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، فعقد لهم، وقال: إذا اجتمعتم فأمير الناس أبو عبيدة.
وقدمت عليه العشائر من اليمن، فأنفذهم جيشا بعد جيش، فلما قدمت الجيوش الشأم كتب إليه أبو عبيدة يعلمه إقبال ملك الروم في خلق عظيم، فجعل يسرح إليه الجيش بعد الجيش، والأول فالأول ممن يقدم عليه من قبائل العرب، ثم تتابعت عليه كتب أبي عبيدة بكل أخبار جمع الروم، فوجه أبو بكر عمرو بن العاص في جيش من قريش وغيرهم، ثم كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يسير إلى الشأم ويخلف المثنى بن حارثة بالعراق، فنفذ خالد في أهل القوة ممن كان معه، وخلف المثنى بن حارثة الشيباني في بقية الجيش بالعراق.
وسار خالد نحو الشأم، فلما صار إلى عين التمر لقي رابطة لكسرى عليهم عقبة بن أبي هلال النمري، فتحصنوا منه، ثم نزلوا على حكمه، فضرب عنق النمري. ثم سار حتى لقي جمعا لبني تغلب عليهم الهذيل بن عمران، فقدمه فضرب عنقه، وسبى منهم سبايا كثيرة بعث بهم إلى المدينة. وبعث إلى كنيسة اليهود، فأخذ منهم عشرين غلاما، وصار إلى الأنبار، فأخذ دليلا يدله على