وبعدها أنتم تعرفونه وتحصل لكم الرغبة فيه، فجلس أول يوم القرافة وحضرت فقرأ أحاديث بأسانيدها حفظا وقرأ أخرى ففرح الناس به، ثم سمعت ابن نجا يقول: حصل مرادي في أول مجلس. - إلى أن قال: وكان لا يضيع شيئا من زمانه، كان يصلى الفجر ويلقن القرآن وربما لقن الحديث ثم يقوم فيتوضأ ويصلى ثلاث مائة ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبيل الظهر فينام نومة فيصلى الظهر ويشتغل بالتسميع أو النسخ إلى المغرب فيفطر إن كان صائما ويصلى إلى العشاء ثم ينام إلى نصف الليل أو بعده ثم يتوضأ ويصلى ثم يتوضأ ويصلى إلى قريب الفجر، وربما توضأ سبع مرات أو أكثر ويقول: تطيب لي الصلاة ما دامت أعضائي رطبة ثم ينام نومة يسيرة قبل الفجر وهذا دأبه.
قال الشيخ الموفق: كان رفيقي وما كنا نستبق إلى خير الا سبقني إليه الا القليل، وكمل الله فضيلته بابتلائه بأذى أهل البدعة وقيامهم عليه ورزق العلم وتحصيل الكتب الكثيرة إلا أنه لم يعمر حتى يبلغ غرضه في روايتها ونشرها.
قال الضياء: وكان لا يرى منكرا الا غيره بيده أو بلسانه، وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم رأيته مرة يريق خمرا فسل صاحبه السيف فلم يخف وكان قويا فأخذ السيف من يد الرجل وكان يكسر الشبابات والطنابير.
وشاهدت بخطه يقول: والملك العادل ما رأيت منه الا الجميل أقبل علي وقام لي والتزمني ودعوت له فقلت: عندنا قصور يوجب التقصير، فقال:
ما عندك تقصير ولا قصور، وذكر أمر السنة فقال ما عندك شئ يعاب في أمر الدين والدنيا، ولابد للناس من حاسد، وبلغني عنه بعد ذلك أنه ذكر عنده