من الدهر مرتين لما أراد الله به من الخير، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من المشركين وهم جلوس يريدونه فقرأ " يس " وذر على رؤسهم التراب فما انفلت منهم رجل إلا قتل إلا حكيم، وورد الحوض يوم بدر فما ورد الحوض يومئذ أحد إلا قتل إلا حكيم.
قال الواقدي: قالوا: وأقبل نفر من قريش حتى وردوا الحوض منهم حكيم بن حزام، فأراد المسلمون تحليتهم - يعني طردهم - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " دعوهم ". فوردوا الماء فشربوا، فما شرب منه أحد إلا قتل إلا ما كان من حكيم بن حزام.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: حدثنا أبو سلمة، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة، عن أبيه أن أبا سفيان، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء أسلموا وبايعوا، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة يدعونهم إلى الاسلام.
وقال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن محمود، عن أبيه وغيره، قالوا: بكى حكيم بن حزام يوما، فقال له ابنه: ما يبكيك يا أبة؟ قال: خصال كلها أبكاني، أما أولها فبطء إسلامي حتى سبقت في مواطن كلها صالحة، ونجوت يوم بدر، ويوم أحد، فقلت: لا أخرج أبدا من مكة ولا أوضع مع قريش ما بقيت، فأقمت بمكة، ويأبى الله أن يشرح قلبي بالاسلام، وذلك أني أنظر إلى بقايا من قريش لهم أسنان مستمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية فأقتدي بهم، ويا ليت أني لم أقتد بهم، فما أهلكنا إلا الاقتداء بآبائنا وكبرائنا. فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعلت أفكر وأتاني أبو سفيان بن حرب فقال: أبا خالد،