وكان معاوية عام حج مر به وهو ابن عشرين ومئة سنة، فأرسل إليه بلقوح يشرب من لبنها وذلك بعد أن سأله: أي الطعام تأكل؟
فقال: أما مضغ فلا مضغ بي، فأرسل إليه بلقوح، وأرسل إليه بصلة، فأبى أن يقبلها، وقال: لم آخذ من أحد قط بعد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، قد دعاني أبو بكر وعمر إلى حقي فأبيت أن آخذه، وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الدنيا خضرة حلوة فمن أخذها بسخاوة نفس بورك له فيها، ومن أخذها بإشراف نفس لم يبارك له فيها " (1)، فقلت يومئذ: لا أرزأ أحدا بعدك شيئا، ولقد (2) كانت قريش تبعث بالأموال، فأبعث بمالي، فلربما دعاني بعضهم إلي أن يخالطني بنفقته، يريد بذلك الجد في مالي، وذلك أني (3) كلما أربحت (4) تحنثت (5) به أو بعامته أريد بذلك ثراء المال والمحبة في العشيرة.
أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري، قال: أخبرنا أبو حفص بن طبرزد، قال: أخبرنا الوزير أبو القاسم علي بن طراد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمان