قال (1): وحدثني عمي مصعب بن عبد الله، عن أبيه قال:
كان حكيم بن حزام لا يأكل طعاما وحده، إذا أتي بطعامه قدره، فإن كان يكفي اثنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك، قال: ادع من أيتام قريش واحدا أو اثنين على قدر طعامه. وكان له انسان يخدمه فضجر عليه يوما، فدخل المسجد الحرام، فجعل يقول للناس: ارتفعوا إلى أبي خالد. فتقوض الناس عليه، فقال: ما للناس؟ فقيل:
دعاهم عليك فلان. فصاح بغلمانه: هاتوا ذلك التمر فألقيت بينهم جلال البرني، فلما أكلوا قال بعضهم: إدام يا أبا خالد! قال:
إدامها فيها.
وقال (2): قال عمي مصعب، وسمعت أبي يقول: قال عبد الله بن الزبير: قتل أبي، وترك دينا كبيرا، فأتيت حكيم بن حزام أستعين برأيه وأستشيره، فوجدته في سوق الظهر (3)، معه بعير آخذ بخطامه يدور به في نواحي السوق، فسلمت عليه، وأخبرته بما جئته له، فقال: البث علي حتى أبيع بعيري هذا. فطاف وطفت معه حتى إني لأضع ردائي على رأسي من الشمس. ثم أتاه رجل فأربحه فيه درهما، فقال: هو لك. وأخذ منه الدرهم، فلم أملك أن قلت له: حبستني ونفسك ندور في الشمس منذ اليوم من أجل درهم! فوددت أني غرمت دراهم كثيرة، ولم تبلغ هذا من نفسك.
فلم يكلمني، وخرجت معه نحو منزله حتى انتهيت إلى هدم (4)