بالزوراء فيه عجيزة من العرب، فدنا إليها فأعطاها ذلك الدرهم، ثم أقبل علي، فقال: يا ابن أخي إني غدوت اليوم إلى السوق، فرأيت مكان هذه العجوز، فجعلت لله لا أربح اليوم شيئا إلا أعطيتها إياه، فلو ربحت كذا وكذا لدفعته إليها، وكرهت أن أنصرف حتى أصيب لها شيئا فكان هذا الدرهم الذي رزقت. قال: فلما صرت إلى المنزل دعا بطعامه، فأكل وأكلت معه، حتى إذا فرغ أقبل علي، فقال: يا ابن أخي، ذكرت دين أبيك، فإن كان ترك مئة ألف فعلي نصفها. قلت: ترك أكثر من ذلك. قال: فإن كان ترك مئتي ألف فعلي نصفها. قلت: ترك أكثر من ذلك، قال: فإن كان ترك ثلاث مئة ألف فعلي نصفها. قلت: ترك أكثر من ذلك. قال:
لله أنت كم ترك أبوك؟ فأخبرته، أحسب أنه قال: ألفي ألف درهم. قال: ما أراد أبوك إلا أن يدعنا عالة. قال: قلت: إنه ترك وفاء وأموالا كثيرة، وإنما جئت أستشيرك فيها، منها سبع مئة ألف درهم لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وللزبير معه شرك في أرض بالغابة (1). قال: فاعمد لعبد الله بن جعفر فقاسمه، وإن سامك قبل المقاسمة فلا تبعه، ثم أعرض عليه فإن اشترى منك فبعه.
فخرجت حتى جئت عبد الله بن جعفر، فقلت له: قاسمني الحق الذي معك. قال: أو أشتريه منك. قال: قلت: لا، حتى تقاسمني. قال: فموعدك غدا هنالك بالغداة. قال: فغدوت فوجدته قد سبقني، ووضع سفرة وهو يأكل هو وأصحابه، قال:
الغداء. قلت: المقاسمة قبل. فأمسك يده ثم قال: قل ما شئت.