حارثة، فاشتراها، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها بعد.
وكان سوق مجنة يقوم عشرة أيام حتى إذا رأينا هلال ذي الحجة انصرفنا فانتهينا إلى سوق ذي المجاز فقام ثمانية أيام.
وكل هذه الأسواق ألقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواسم يستعرض القبائل قبيلة قبيلة، يدعوهم إلى الله، فلا يرى أحدا يستجيب له، وأسرته أشد القبائل عليه، حتى بعث ربه له قوما أراد بهم كرامته، هذا الحي من الأنصار، فبايعوه، وصدقوا به، وآمنوا به، وبذلوا أنفسهم وأموالهم، فجعل الله له دار هجرة (1)، وملجأ، وسبق من سبق إليه، فالحمد لله الذي أكرم محمدا بالنبوة.
فلما حج معاوية سامني بداري بمكة فبعتها منه بأربعين ألف دينار، فبلغني أن ابن الزبير يقول: ما يدري هذا الشيخ ما باع، لنردن عليه بيع. فقلت: والله ما ابتعتها إلا بزق من خمر، ولقد وصلت الرحم، وحملت الكل (2)، وأعطيت في السبيل (3)، وكان حكيم بن حزام يشتري الظهر (4) والأداة والزاد ثم لا يجيئه أحد يستحمله في السبيل إلا حمله. قال: فبينا هو يوما في المسجد جالس، جاء رجل من أهل اليمن يطلب حملانا (5) يريد الجهاد، فدل على حكيم، فجلس إليه، فقال: إني رجل بعيد الشقة، وقد