الرأي فيهما فظننت أني إن قتلت الأمير سيوقع بيننا فرقة تورث عداوة، فأجمع رأيي على قتل الساحر. قال: فاقتله ولا تك في شك فأنت على هدى، وأنا شريكك. فجاء حتى انتهى إلى المسجد والناس فيه مجتمعون على الساحر، وقد التحف على السيف بمطرف (1) كان عليه، فدخل بين الناس، فقال: أفرجوا، أفرجوا، فأفرجوا له، ودنا من العلج فشد عليه فضربه بالسيف، فأذري رأسه، ثم قال: أحي نفسك، فقال الوليد: علي به، فأقبل به إليه عبد الرحمان بن حبيش الأسدي، وهو على شرطه فقال: اضرب عنقه، فقام مخنف بن سليم في رجال من الأزد، فقالوا: سبحان الله، أيقتل صاحبنا بعلج ساحر، لا يكون هذا أبدا! فحالوا بين عبد الرحمان وبين جندب، فقال الوليد: علي بمضر، فقام إليه شبث بن ربعي، فقال: لم تدعو مضر، تريد أن تستعين بمضر على قوم منعوا أخاهم منك أن تقتله بعلج ساحر كافر من أهل السواد، لا تجيبك والله مضر إلى الباطل، ولا إلى ما لا يحل، فقال الوليد: انطلقوا به إلى السجن حتى أكتب فيه إلى عثمان، قالوا: أما السجن فإنا لا نمنعك أن تحبسه، فلما حبس جندب، أقبل، ليس له عمل إلا الصلاة، الليل كله وعامة النهار، فنظر إليه رجل يدعى دينارا ويكنى أبا سنان، وكان صالحا مسلما، وكان على سجن الوليد، فقال له: يا أبا عبد الله، ما رأيت رجلا قط خيرا منك، فاذهب رحمك الله حيث أحببت، فقد أذنت لك، قال: فإني أخاف عليك هذا الطاغية أن يقتلك، قال أبو سنان: ما
(١٤٦)