يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن الصفار أبو الوليد القرطبي (338 - 429 ه / 949 - 1037 م) كان مقدما في الفقهاء والأدباء، مشاركا في كل فن، ألف كتب جمة تشهد له بعلمه وفضله، أخذ عنه أبو الوليد الباجي بالأندلس.
هؤلاء بعض شيوخ أبي الوليد الباجي المحدث الحافظ الذي جند نفسه لسماع الحديث وكتابته وجمعه وشرحه، وارتحل في طلبه إلى مصر، والحجاز، ودمشق، والكوفة وبغداد، والموصل، وحلب، فضلا عن مدن الأندلس وغيرها. ينقب عن مراكز الثقافة والعلم والعلماء شرقا وغربا، فيأخذ العلم بتعطش من ذوي الكفاءة، ويشتغل بالحديث رواية ودراية، ويطلع على كثير من تراجم الرواة ومختلف الروايات مند نشأة هذا العلم إلى عصره.
فعلم وعلم وعمل بما علم بقريحة فذة وطموح نادر، فأصبح يتمتع بثقافة موسوعية قل نظيرها، غير مقتصر على السماع وحسب، يكتب ويؤلف ويجلس لتدريس الحديث، ويجادل ويناظر دفاعا عن السنة النبوية على مذهب الامام مالك والأشعري مع علمه ببقية المذاهب. خبير بالأسانيد جرحا وتعديلا، يميز بين متن الحديث صحيحها من سقيمها، والمعمول به من غيره، يحللها ويستنبط منها الأحكام الشرعية مع علمه باختلاف العلماء المحدثين وفقهاء وأصوليين جميعا، فمعرفته بمتن الحديث تتجلى في مؤلفاته، كالاستيفاء والمنتفي، والايماء وخبرته بالأسانيد تظهر جليا في كتاب: (التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح) الذي نقدم له، وتضلعه في أصول الفقه، تشهد له به مصنفاته فيه، رحمه الله ونفع الأمة الاسلامية بعلمه.