ومن دوافعه الحميدة الحاجة المحة لتأليف كتاب في مادة ما، كما قال أبو الوليد الباجي: (لما رأيت ما ابتلي به الفقهاء الحكام من النظر والفتيا بين الأنام في الاحكام، بادرت بكتابي هذا) وقال في كتاب المنهاج: (فاني لما رأيت بعض أهل عصرنا عن سبل العناصر المناظرة ناكبين، وعن سنن المجادلة عادلين خائضين فيما لم يبلغهم علمه، ولم يحصل لهم فهمه، مرتبكين ارتباك الطالب لأمر لا يدري تحقيقه، والقاصد إلى نهج لا يهتدي طريقة، أزمعت على أن أجمع كتابا في الجدل) وصنف أكثر مؤلفاته بطلب من شخص غير معين حيث يقول: (فإنك سألتني إن أصنف لك كتابا اتي فيه بأسماء من روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحة من شيوخه ومن تقدمهم إلى الصحابة رضي الله عنهم، وأثبت فيه ما صح عندي من كناهم وأسمائهم، وما ذكره العلماء من أحوالهم، ليكون مدخلا للمناظر في هذا العلم إلى معرفة أهل العلم والعدل من غيرهم، وسببا إلى معرفة كثير من الرواة والوقوف على طرف من أخبارهم، فأجبتك إلى ذلك لما رجوت فيه من جزيل الثواب وتحريت الصواب جهدي، واستنفذت في طلبه وسعي، والله أسال أن يوفقنا له وينفعنا به، ويعين الناظر فيه أعلى حسن مقصده، وجميل مذهبه برحمته) وتلك اغراض رغم اختلافها، كلها نبيلة ومشرفة، نفع الله بعلمه ومؤلفاته جميع المسلمين امين.
(١٦٤)