وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، قال ابن حجر: صحابي شهير ولد بأرض الحبشة، إذ هاجر أبوه إليها. وقال ابن حبان: أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين. وقال العجلي: مدني تابعي ثقة.
وذهب بعض الأصوليين إلى أنه لا يكفي في كونه صحابيا مجرد الرؤية بل لا يكون صحابيا إلا إن طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وكثرت مجالسته على طريق التبع أو الاخذ منه، وهذا يعنى أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان بالغا ولم يسمع منه لا يعتبر صحابيا عند هؤلاء.
قال السخاوي: وصنيع أبى زرعة الرازي، وأبى داد يشعر بالمشي على هذا المذهب، فإنهما قالا في طارق بن شهاب: " له رؤية وليست له صحبة ".
قلت: ويبدو من صنيع الامام العجلي أنه أيضا على هذا المذهب، فإنه قال في ترجمة طارق بن شهاب الأحمسي: " من أصحاب عبد الله، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ".
وطارق هذا رآه صلى الله عليه وسلم وهو رجل، ولكنه لم يسمع منه.
وكأني بالأئمة رحمهم الله أنهم نظروا إلى القضية من زاويتين. فمن اعتبر شرف اللقاء والرؤية ولو كانت في الصغر أو كانت بدون سماع أثبت لهم الصحبة، لانهم قد حصل لهم من الفضل ما لم يحصل لمن بعدهم.
ومن لاحظ جانب الرواية ورأى أنهم لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم، أو لم يحفظوا عنه فروايتهم مرسلة، لم يعدهم من الصحابة. فمنهم من اكتفى بنفي الصحبة وإثبات الرؤية، ومنهم من جزم باطلاق القول عليهم بأنهم تابعون. ومنهم الامام العجلي رحمه الله، كما ظهر من بعض الأمثلة التي سقتها وغيرها كثير في الكتاب.
ولما كان الصحابة كلهم عدول عند جمهور الأمة، فإنه لا يسال عنهم ولا تستعمل فيهم كلمات التعديل والتوثيق كغيرهم من الرواة، فإنهم معدلون