حديث، ويزيد بن هارون سمع من يحيى بن سعيد الأنصاري نحو مائة حديث وسبعين حديثا ".
وهكذا في تراجم كثيرة يصعب إحصاؤها كلها في هذه المقدمة. وإن هذه الاحصائيات تدل دلالة واضحة على اهتمام العجلي بهذا النوع من أساليب الجرح والتعديل.
ومن جهة أخرى، فإنه استفاد من أقوال أئمة الجرح والتعديل الذين عاصرهم أو سبقوه، فاخذ أقوالهم بأسانيده إليهم. ومن هؤلاء يحيى بن معين، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإبراهيم النخعي، وعبد الله بن المبارك، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان. ولا شك أن هؤلاء من جهابذة الجرح والتعديل. وقد ذكر أقوالهم الامام العجلي في بعض التراجم من كتابه مثل ترجمة بكر بن يونس، والحارث بن عبد الله الأعور، والحسن بن صالح، وحميد الطويل، وسماك بن حرب، ومجالد بن سعيد، وغيرهم.
والامام العجلي حينما يذكر آراء الآخرين لا يذكرها دائما بالموافقة، بلى إنه في كثير من الأحيان يناقشها ويثبت ما توصل إليه. فمثلا يقول في ترجمة مجالد بن سعيد: " كوفي جائز الحديث حسن الحديث. إلا أن عبد الرحمن بن مهدي كان يقول: أشعث بن سوار أقوى منه والناس لا يتابعونه على هذا، كان مجالد أرفع من أشعث بن سوار. وقال يحيى بن سعيد: كان مجالد يتلقن الحديث إذا لقن ".
ومثل هذا في غير موضع في الكتاب. وكل هذا الاستدلال والمناقشة يدل على أن العجلي كان على علم كبير واطلاع واسع على أقوال من سلفه من أئمة الجرح والتعديل، وأنه قد استفاد منهم استفادة كبيرة، استفادة ناقد بصير..
والله أعلم.