وبعد البيعة لأبي العباس ولاه على الكوفة (1)، لخطورة موقعها في سير الحركة العباسية. وأول خطوة قام بها حث ابن أخيه على التخلص من أبي سلمة الخلال بواسطة أبي مسلم الخراساني (2)، للخطر المتوقع منه، ثم وجهه واليا إلى المدينة والموسم ومكة واليمن واليمامة (3)؛ لأن المدينة تعتبر المركز المنافس الحقيقي للعباسيين وهم العلويون، سواء كان الحسنيين أو حركة الإمام الصادق (عليه السلام) الفكرية، وخوفهم من شخصيته القوية التي استقطبت الساحة العلمية. كما أن موسم هذا العام يعتبر أول موسم يلتقي به الحجيج في ظل الدولة العباسية، فمن يكون لهذه المهمة الصعبة والخطيرة غير داوود بن علي الذي قيل فيه: لم يكن أحد من بني العباس يتكلم ويبلغ حاجة على البديهة غير أبي جعفر وداوود بن علي (4).
فقد أدى دوره بأحسن ما يكون وأقام الحج (5).
وخطب في مكة وهو مسند ظهره إلى الكعبة، وقال: شكرا شكرا إنا والله ما خرجنا لنحفر فيكم نهرا، ولا لنبني قصرا، ظن عدو الله أن لن نقدر عليه، أمهل الله في طغيانه وأرخى له من زمانه، حتى عثر في فضل خطامه، والآن أخذ القوس باريها، وعاد النبل إلى نزعه، وعاد الملك في نصابه من أهل بيت نبيكم أهل الرأفة والرحمة. والله إن كنا لنشهد لكم، ونحن على فراشنا أمن الأسود والأبيض، لكن ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، ها ورب هذه الأبنية لا نهيج أحدا، ثم نزل (6).
هذا ما قام به في أول موسم للحج بتاريخ الدولة العباسية، حيث ذكر زوال ملك