ثم ما خرجت والله من الدنيا حتى رأيته قتله.
وفي رواية أخرى قال الإمام الصادق (عليه السلام) لعبد الله بن الحسن: لا والله ما حسدت ابنك، وأن هذا - يعني أبا جعفر - يقتله على أحجار الزيت، ويقتل أخاه بعده بالطفوف وقوائم فرسه في الماء.
ثم قام يجر رداءه، فتبعه أبو جعفر فقال: أتدري ما قلت يا أبا عبد الله؟
قال: أي والله أدري، وأنه لكائن.
قال: فحدثني من سمع أبا جعفر يقول: فانصرفت لوقتي، فرتبت أعمالي، وميزت أموري تمييز مالك لها (1).
وقبل هذا لم يكن لبني العباس تحرك مستقل عن العلويين، وما جاء في الروايات التاريخية من أن أبا هاشم أفضى بأسرارهم (الشيعية) وحركتهم السرية لإبراهيم، وانتقلت الإمامة عند الكيسانية من العلويين إلى العباسيين (2)، فهذا موضع يستدعي المتابعة والتحقيق، ودراسة الروايات ومصادرها، وأسانيدها وتسلسل أحداثها. وأفضل من بحث هذا الموضوع، الشيخ عبد الواحد الأنصاري في كتابه (مذاهب ابتدعتها السياسة)، والراجح أن الدولة العباسية قامت على تناقضات التيارات التي ساهمت بإسقاط الدولة الأموية بعد رفض الإمام الصادق (عليه السلام) دعوة أبي سلمة الخلال وأبي مسلم الخراساني (3). كما رفض عبد الله بن الحسن أن يتصدى ابنه محمد (المهدي) لأن الأمر لم يتم بعد، فبقيت الساحة فارغة من الزعامة التي تجتمع عليها التيارات الثورية، ويجب أن يكون هاشميا بدل نده الأموي الراحل، فأشار داوود بن علي على الثوار أن أبا العباس هو الإمام الذي تجب بيعته (4).