أقول: هاتان الروايتان لا بد من رد علمهما إلى أهله، فإن الرجل إذا لم يثبت أنه كان عالما بأن المرأة لها زوج، فما هو الوجه في ضربه الحد، ومجردا احتمال أنه كان عالما لا يجوز إجراء الحد عليه، هذا من جهة نفس الرواية، وأما من جهة دلالتهما على ذم أبي بصير، فغاية الامر أنهما تدلان على أنه كان قاصرا في معرفته بعلم عليه السلام في ذلك الزمان، لشبهة حصلت له وهي: تخيله أن حكمه عليه السلام كان مخالفا لما وصل إليه من آبائه عليهم السلام، وهذا مع أنه لا دليل على بقائه واستمراره لا يضر بوثاقته، مضافا إلى أن الظاهر أن المراد بأبي بصير في الرواية يحيى بن القاسم دون ليث المرادي، فإنك ستعرف أنه لم يثبت كون ليث من أصحاب الكاظم عليه السلام، والله العالم.
بقي هنا شئ: وهو أن ظاهر النجاشي أن ليث بن البختري لم يرو عن الكاظم عليه السلام، كما إن ذكره الكشي في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام يقتضي ذلك، لكنك عرفت من الشيخ عده في أصحاب الكاظم عليه السلام أيضا، والظاهر أن ما ذكره النجاشي هو الصحيح، فإنا لم نجد له الرواية عن الكاظم عليه السلام.
وعليه فكل رواية رواها أبو بصير عن الكاظم عليه السلام، فهي عن يحيى ابن القاسم، والله العالم.
ثم إن الصدوق - قدس سره - ذكر في المشيخة طريقه إلى أبي بصير، ولم يذكر أن المراد به، ليث المرادي أو يحيى بن أبي القاسم، ولكن الظاهر أن المراد بن يحيى بن أبي القاسم، بقرينة أن الراوي عنه علي بن أبي حمزة، فإنه كان قائد يحيى بن أبي القاسم ويروي عنه، على ما تعرف في ترجمته.
نعم، ذكره الصدوق في الفقيه: أول السند أبا بصير المرادي، باب ما يجوز الاحرام فيه وما لا يجوز، الحديث 1018.
كما ذكر ليثا المرادي من دون تكنيته بأبي بصير، أول السند في أربعة