كتاب الراوي الذي بدأ بذكره - كما ذكره الشيخ - ومن الجائز أن يكون قد أخذ الحديث من كتاب من تأخر عنه ونسبه إليه، اعتمادا على نقله له من كتابه، ثم وضع المشيخة ليدخل الناقل في الطريق ويخرج عن عهدة النقل من الأصل، والاعتماد على الغير شائع معروف كثير الوقوع في نقل الاخبار والأقوال، وهذا كما تقول: روى الشيخ في (التهذيب): كذا تعويلا على ما نقله عنه في (الوافي) والوسائل، وقال في المبسوط كذا، اعتمادا على نقله في (المعتبر) و (المختلف)، وليس ذلك تدليسا ممنوعا فان العلماء لا يتناكرونه ولا يتحاشون منه، وعادتهم المستمرة في نقل الأقوال والأدلة قاضية به، ولم يلتزم أحد منهم في النقل تتبع الأصول والاخذ منها بغير واسطة، بل الكثير الغالب فيه الاستناد إلى الواسطة والوسائط، والسبب فيه سهولة الاخذ والتناول من كتب المتأخرين ومصنفاتهم لحسن وضعها وتأليفها وترتيبها على الكتب والأبواب والفصول، بخلاف مصنفات القدماء، خصوصا الأصول الموضوعة على جمع المطالب المختلفة والاحكام المتفرقة التي لا تعلق لبعضها ببعض، فان النقل منها في غاية العسر والصعوبة.
والمتأخرون في كل زمان قربوا البعيد من ذلك وسهلوا العسير منه بالترتيب والتبويب وضم المنتشر وجمع المتفرق، ولذا ترى الشيخ والصدوق وغيرهما ينقلون أحاديث الأصول من الكتب وأحاديث كتب القدماء من كتب المتأخرين مع وجود الأصول وكتب القدماء عندهم، واحتمال أخذ حديث المتقدم من كتاب المتأخر قائم في نقل الشيخ لهذه الاخبار، وإن كان الظاهر من قوله: " أخذنا الخبر من كتابه والحديث من أصله " أخذه من نفس الكتاب والأصل، فإنه مع بعد التزام الشيخ له ينافي تصريحه بكون الواسطة طريقا يتوصل بها إلى رواية الحديث، وإنه بدونها يكون مرسلا، لا مسندا، والتجوز في التوصل والاسناد والارسال ليس أولى من