الأخ، إنهم تابوا، فقال الشيخ: أيها القاضي، الحرب دراية، والتوبة رواية، وأنت قد قررت - في حديث الغدير - أن الرواية لا تعارض الدراية فبهت القاضي، ولم يحر جوابا، ووضع رأسه ساعة، ثم رفع رأسه، وقال: من أنت؟ فقال له الشيخ: خادمك محمد بن محمد بن النعمان الحارثي. فقام القاضي من مقامه، وأخذ بيد الشيخ وأجلسه على مسنده فقال: أنت (المفيد حقا) فتغيرت وجوه علماء المجلس مما فعله القاضي بالشيخ المفيد، فلما أبصر القاضي ذلك منهم، قال: أيها الفضلاء العلماء إن هذا الرجل ألزمني، وأنا عجزت عن جوابه، فإن كان أحد منكم عنده جواب عما ذكره فليذكره ليقوم الرجل ويرجع إلى مكانه الأول.
فلما انفصل المجلس شاعت القصة واتصلت بعضه الدولة، فأرسل إلى الشيخ وسأله، فحكى له ذلك، فخلع عليه خلعة سنية، وأمر له بفرس محلى بالزينة، وأمر له بوظيفة تجري عليه) (1).
وحكى الشيخ الجليل أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي - في آخر كتاب الاحتجاج -: (أنه ورد من الناحية المقدسة في أيام بقيت من صفر سنة عشر وأربعمائة كتاب إلى الشيخ المفيد - طاب ثراه - ذكر موصله: أنه تحمله من ناحية متصلة بالحجاز. وهذه صورته:
(للأخ السديد والولي الرشيد والشيخ المفيد أبى عبد الله محمد بن محمد بن النعمان - أدام الله إعزازه - من مستودع العهد المأخوذ على العباد: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، سلام عليك، أيها الولي المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين، فانا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله الطاهرين، ونعلمك - أدام