الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٣ - الصفحة ١٨٤
وعده المفيد في (الهلالية) (1) في الفقهاء الاعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام الذين لا مطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم وحديثه في المنتفى (صحر) والأولى (صحي) (2).
وروى الكشي: (... عن حمدويه ومحمد قالا: حدثنا محمد بن عيسى عن صفوان عن عبد الرحمان بن الحجاج، قال: سأل أبو العباس الفضل البقباق لحريز الاذن على أبي عبد الله - عليه السلام - فلم يأذن له، فعاوده فلم يأذن له، فقال له: أي شئ للرجل أن يبلغ في عقوبة غلامه؟ فقال على قدر جريرته، فقال: قد عاقبت والله حريزا بأعظم مما صنع، فقال:
ويحك إني فعلت ذلك؟ إن حريزا جرد السيف - ثم قال -: أما لو كان

(١) تقدم - آنفا - (ص ١٦٣) من هذا الجزء ذكر الرسالة الهلالية وأنها في الرد على من يقول: إن شهر رمضان ثلاثون يوما وأنه لا ينقص، وقد عد المفيد فيها الفضل بن عبد الملك - هذا - في الفقهاء الاعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام الذين لا مطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم، وذكر روايته في آخر الرسالة - وهي مخطوطة - فراجعها.
(٢) صحر - بالراء في آخره - رمز للصحيح على اصطلاح المتأخرين، وصحي - بالياء التحتانية في آخره - رمز للصحيح على اصطلاح المتقدمين، قال الشيخ البهائي - رحمه الله - في مقدمة مشرق الشمسين (ص ٣) طبع إيران: (قد استقر اصطلاح المتأخرين من علمائنا - رضي الله عنهم - على تنويع الحديث المعتبر - ولو في الجملة - إلى الأنواع الثلاثة المشهورة، أعني: الصحيح، والحسن والموثق، بأنه إن كان جميع سلسلة سنده إماميين ممدوحين بالتوثيق فصحيح، أو إماميين ممدوحين بدونه كلا أو بعضا مع توثيق الباقي فحسن، أو كانوا كلا أو بعضا غير إماميين مع توثيق الكل فموثق، وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا - قدس الله أرواحهم - كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم، بل كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كل حديث صحيح اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه، وذلك أمور: (منها) وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة التي نقلوها عن مشائخهم بطرقهم المتصلة بأصحاب العصمة - سلام الله عليهم - وكانت متداولة لديهم في تلك الاعصار، مشتهرة بينهم اشتهار الشمس في رابعة النهار (ومنها) تكرره في أصل أو أصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة وأسانيد عديدة معتبرة (ومنها) وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة، ومحمد بن مسلم، والفضيل بن يسار، أو على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى، ويونس بن عبد الرحمن، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، أو العمل بروايتهم كعمار الساباطي ونظرائه ممن عدهم شيخ الطائفة في كتاب العدة، كما نقله عنه المحقق - رحمه الله - في بحث التراوح من المعتبر (ومنها) اندراجه في أحد الكتب التي عرضت على الأئمة - عليهم سلام الله - فأثنوا على مؤلفيها ككتاب عبيد الله الحلبي الذي عرض على الصادق - عليه السلام - وكتاب يونس بن عبد الرحمن، والفضل ابن شاذان المعروضين على العسكري - عليه السلام - (ومنها) أخذه من أحد الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها، سواء كان مؤلفوها من الفرقة الناجية الامامية ككتاب الصلاة لحريز بن عبد الله السجستاني، وكتب بني سعيد، وعلي بن مهزيار، أو من غير الامامية ككتاب حفص بن غياث القاضي، والحسين بن عبيد الله السعدي، وكتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري، وفد جرى رئيس المحدثين ثقة الاسلام محمد بن بابويه - قدس الله روحه - على متعارف المتقدمين في اطلاق الصحيح على ما يركن إليه ويعتمد عليه، فحكم بصحة جميع ما أورده من الأحاديث في كتاب (من لا يحضره الفقيه) وذكر أنه استخرجها من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع، وكثير من تلك الأحاديث بمعزل عن الاندراج في الصحيح على مصطلح المتأخرين ومنخرط في سلك الحسان والموثقات، بل الضعاف. وقد سلك عن ذلك المنوال جماعة من أعلام علماء الرجال فحكموا بصحة حديث بعض الرواة غير الامامية كعلي بن محمد بن رياح وغيره لما لاح لهم من القرائن المقتضية للوثوق بهم، والاعتماد عليهم، وإن لم يكونوا في عداد الجماعة الذين انعقد الاجماع على تصحيح ما يصح عنهم، والذي بعث المتأخرين - نور الله مراقدهم - على العدول عن متعارف القدماء ووضع ذلك الاصطلاح الجديد هو أنه لما طالت المدة بينهم وبين الصدر السالف، وآل الحال إلى اندراس بعض كتب الأصول المعتمدة لتسلط حكام الجور والضلال والخوف من إظهارها وانتساخها وانضم إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الأصول في الأصول المشهورة في هذا الزمان فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة، واشتبهت المتكررة في كتب الأصول بغير المتكررة، وخفي عليهم - قدس الله أرواحهم - كثير من تلك الأمور التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه مما لا يركن إليه فاحتاجوا إلى قانون تتميز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها، والوثوق بها عما سواها فقرروا لنا - شكر الله سعيهم - ذلك الاصطلاح الجديد، وقربوا الينا البعيد، ووصفوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحة والحسن والتوثيق. وأول من سلك هذا الطريق - من علمائنا المتأخرين - شيخنا العلامة جمال الحق والدين الحسن بن المطهر الحلي - قدس الله روحه -، ثم أنهم - أعلى الله مقامهم - ربما يسلكون طريقة القدماء في بعض الأحيان فيصفون مراسيل بعض المشاهير - كابن أبي عمير وصفوان بن يحيى - بالصحة لما شاع من أنهم لا يرسلون إلا عمن يثقون بصدقه، بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنه فطحي أو ناووسي بالصحة نظرا إلى اندراجه فيمن أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم، وعلى هذا جرى العلامة - قدس الله روحه - في (المختلف) حيث قال في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة: إن حديث عبد الله بن بكير صحيح وفي (الخلاصة) حيث قال: (إن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح وإن كان في طريقه أبان بن عثمان) وهو فطحي مستندا في الكتابين إلى إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهما، وقد جرى شيخنا الشهيد الثاني - طاب ثراه - على هذا المنوال أيضا كما وصف في بحث الردة من شرح الشرائع حديث الحسن ابن محبوب عن غير واحد بالصحة، وأمثال ذلك في كلامهم كثير، فلا تغفل).
وبناء على ما نقلناه فان أبا منصور جمال الدين الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني المتوفى سنة 1011 ه‍ جرى على هذا الاصطلاح في الصحيح عند المتقدمين والصحيح عند المتأخرين في مقدمة كتابه (المنتقى ج 1 ص 4) طبع إيران سنة 1379 ه‍، ومع ذلك روى في (ص 63) رواية في الأسئار عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن الفضل أبي العباس (البقباق) عن الصادق - عليه السلام - ورمز لها في صدر الرواية (بصحر) مع أن رواتها كلهم إماميون ممدوحون بالتوثيق فالذي كان ينبغي له أن يصفها (بصحي) كما ذكره سيدنا في الأصل، فلاحظ ذلك
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 180 181 182 183 184 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب السين سعيد بن مسعدة (الأخفش الأوسط) 5
2 سلار بن عبد العزيز الديلمي (أبو يعلى) 6
3 سلمان الفارسي (المحمدي) مفصل ترجمته، وذكر مناقبه 16
4 سهل بن زياد، الخلاف في توثيقه وتضعيفه، واختيار توثيقه وتصحيح روايته، والتدليل على ذلك 21
5 سهل بن حنيف الأنصاري، ممن أنكر على أبي بكر خلافته، وشهد (صفين) مع أمير المؤمنين (ع) ومات بالكوفة 31
6 سيف بن عميرة، الخلاف في توثيقه وتضعيفه بالوقف واختيار توثيقه، ونفي شبهة الوقف عنه، والتدليل على ذلك 36
7 باب الشين شهاب بن عبد ربه الأسدي، ذكر روايات تدل على توثيقه 53
8 باب العين عبادة بن الصامت الأنصاري ذكر لمحة في إطرائه 56
9 عبد العزيز بن نحرير (القاضي بن البراج) إطراؤه وعرض مؤلفاته 60
10 عبد الأعلى بن أعين العجلي. ذكر ما يدل على حسن حاله 63
11 عبد الله بن النجاشي - صاحب الرسالة - إطراؤه توثيقه 65
12 عبد الله بن يحيى الكاهلي، توثيقه وتصحيح حديثه 67
13 عبيد الله بن الحر الجعفي ترجمته، امتناعه عن نصرة الحسين (ع) ذكر ندمه - أخيرا - والحكم عليه بصحة الاعتقاد وسوء العمل 69
14 عثمان بن حنيف الأنصاري من المنكرين على أبي بكر خلافته 74
15 عثمان الأعمى البصري يروي حديثا يدل على وثاقته 79
16 علان - خال الكليني - الخلاف في اسمه واسم أبيه واستظهار أنه علي بن محمد 79
17 علي بن أحمد بن أبي جيد القمي، توثيقه والاعتماد على حديثه 83
18 علي بن الحسين - الشريف المرتضى - استعراض سلسلة آبائه إلى الإمام الكاظم (ع) من طرفي أبيه وأمه، مدح (المعري) له ولأبيه وأخيه الرضي، وبالتالي: ترجمته من قبل عامة المؤرخين والرجاليين - من الفريقين - وعرض لأساتذته وتلامذته ومؤلفاته في عامة الفنون والعلوم 87
19 علي بن حمزة بن بهمن الأسدي، ترجمة له بسيطة 155
20 علي بن حنظلة ذكر حديث يدل على تعديله 157
21 علي بن عيسى بن الفرج الربعي، من أئمة النحاة 159
22 علي بن محمد بن الزبير القرشي، الخلاف في توثيقه وتضعيفه، واختيار توثيقه 159
23 عمار بن موسى الساباطي، الخلاف في توثيقه وتضعيفه بالفطحية، واختيار: أنه فطي المذهب صحيح الرواية 162
24 عمار بن ياسر العنسي من أعاظم الصحابة المعذبين في الاسلام، مناقبه، قصة تيممه مع عمر بن الخطاب 170
25 عمرو بن عثمان (سيبويه) لمحة عن ترجمته 181
26 باب الفاء الفضل بن عبد الملك (البقباق)، الخلاف في توثيقه وتضعيفه باتهامه بعدم قوله بعصمة الإمام (ع) واختيار توثيقه والدفاع عنه 183
27 باب القاف القاسم بن سلام، من المشاهير في الحديث والأدب واللغة والغريب والفقه 190
28 القاسم بن الإمام موسى الكاظم (ع) تعظيمه، نسبه، زيارته، تعيين قبره 191
29 باب الميم مالك بن التيهان الأنصاري، من أعاظم الصحابة وممن شهد لأمير المؤمنين (ع) بحديث الغدير، ومن المنكرين على أبي بكر خلافته استشهد في (صفين) مع الحق 195
30 محمد بن أحمد بن إبراهيم الكوفي (أبو الفضل الصابوني) ممن أدرك الغيبتين، الخلاف في توثيقه وتضعيفه بالزيدية واستخلاص توثيقه وعرض مؤلفاته الكثيرة 199
31 محمد بن أحمد بن الجنيد الإسكافي، إطراؤه وعرض مصنفاته الكثيرة، وذكر اتهامه بالقول بالقياس، والخلاف في الأخذ بكتبه من هذه الجهة، واختيار توثيقه واعتبار كتبه، والاجماع على مدحه والدفاع عن قوله بالقياس والتهم الأخرى 205
32 محمد بن الحسن الشيرواني (ملا ميرزا) ذكر مؤلفاته الكثيرة 225
33 محمد بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)، إحاطته وتصنيفه في عامة العلوم الاسلامية، ذكر مؤلفاته والتعريف بها، ذكر أقوال المؤرخين والرجاليين - من الفريقين - في تعظيمه وتوثيقه، وفاته ومدفنه ومسجده 227
34 محمد بن الحسين بن أبي الفضل القزويني، التعريف به، الخلاف في أن القزويني والكيدري واحد أم اثنان، واستظهار أنه واحد 240
35 محمد بن سنان، الهمداني، من أصحاب الأئمة الأربعة: الكاظم والرضا والجواد والهادي (ع) الخلاف في اسمه، وفي توثيقه وتضعيفه بالكذب والغلو، واستنتاج توثيقه وعلو شأنه، وبرائته من التهم الملصقة به، والجواب عنها - تفصيلا - 249
36 محمد بن شجاع القطان، مدحه وقبول رواياته 278
37 محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار، من رجال (نوادر الحكمة)، التحقيق في أن محمد بن سالم هو محمد بن عبد الحميد - هذا - توثيقه، وتوثيق أبيه، والجواب عن القول بقدحه 280
38 محمد بن عبد الواحد (أبو عمرو الزاهد (غلام ثعلب) من أئمة اللغة 292
39 محمد بن علي... بن بابويه القمي (الشيخ الصدوق) ثناء الامام - صاحب الأمر (ع) عليه ذكر كتابه (الفقيه) وتفضيله على غيره من كتب الأخبار 292
40 محمد بن علي، (القاضي الكراجكي) لمحة عن كتابه (كنز الفوائد)، عرض لمشائخه وتلامذته، وطرق رواياته 302
41 محمد بن علي (ماجيلويه) القمي شيخ الصدوق مشائخه وتلامذته 308
42 محمد بن محمد بن النعمان (الشيخ المفيد) تلامذته وشيوخه، محاججاته مع العامة، مكاتبات الإمام الحجة (ع) له، تحقيق ولادته ووفاته ومقدار عمره. نسبه 311
43 محمد بن المستنير النحوي المعروف (قطرب) 324
44 محمد بن يعقوب (أبو جعفر الكليني)، الثناء عليه من عامة الرجالين والمؤرخين، والتعريف بكتابه (الكافي) وبقية مصنفاته، الخلاف في زمان وفاته، ومكان قبره 325
45 مسعدة بن صدقة العبدي، من رواة الصادق والكاظم (ع) الخلاف في توثيقه، واتهامه بالبترية والعامية 336
46 معلى بن محمد البصري، الخلاف في تعديله واضطراب مذهبه 339
47 المفضل بن مزيد، ذكر حديثين دالين على تشيعه ومدحه 341
48 المقداد بن عمرو بن ثعلبة (الكندي). من أعاظم الصحابة، والسابقين 342