والآخر ان اتباع الأفضل متحتم وإذا اعتقد تقدم واحد تعين عليه اتباعه وترك ما عداه وتخير المذاهب يجر لا محالة إلى اتباع الفاضل تارة والمفضول أخرى ولا مبالاة بقول من أثبت الخيرة في الاحكام تلقيا من تصويب المجتهدين على ما ذكرنا فساده المقدمة الثانية ان من وجب عليه تقليد امام لم يتعين عليه تقليد واحد من الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما بل لا يسوغ له ذلك إذ الوقائع شتى وهي لكثرتها لا ضبط لها والمنقول عن هذه الأئمة مذهبا وقائع محصورة لا تفي بجميع الوقائع وذلك يحوج المقلد إلى اتباع امام آخر فيقلد مجتهدا باحثا ناحلا لأصول الشريعة منبها على فروعها واما الصحابة لم يكثر بحثهم ولم يطل في الفروع نظرهم وليس هذا منا طعنا فيهم ولا تشبيبا بالطعن فإنهم اشتغلوا بتقعيد له القواعد وضبط أركان الشريعة وتأسيس كلياتها ولم يصوروا المسائل تقديرا ولم يبوبوا ذلك الأبواب تطويلا وتكثيرا ولكنهم كانوا يجيبون عن الوقائع مكتفين بها
(٦٠٧)