فاستدل بأن الحديث قد استقل في نفسه حجة لنا في المسألة قطعا فمن أراد درأه احتاج إلى نقل مقطع به وما ذكره القاضي غير مرضي من وجهين وفي بيانه تمهيد قاعدة في التأويل يستدل به على أمثاله أحدها هو انه لا يسلم للقاضي ان الحديث استقل بكونه حجة فإنه متردد بين وقوعه أولا فلا يكون حجة وبين وقوعه أخيرا وليس أحدهما بأولى من الآخر إذ ليس يشهد له قرينة ولا دليل فهو المتمسك بمجرد الاحتمال لا خصمه والآخر أنا نعلم أنه لو نقل إلى الصحابة رضي الله عنهم إباحة مؤقتة وتحريم متأخر عنه مقيد وحديث يوافق الحالة الأولى مطلقا من غير تقييد كانوا لا يبادرونه الرحمن بالقبول بل كانوا يخوضون في البحث عنه فإذن يكفيهم نقل الإباحة في ابتداء الاسلام فلا يبقى معنا إلا احتمال وقوعه آخرا ويعارضه نقيضه
(٢٧٣)