عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مولود يولد إلا على هذه الملة حتى يبين عنه لسانه.
قال أبو محمد: هذه الآيات التي تلونا، والحديثان اللذان ذكرنا، يبينان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ورواه عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
من يولد يولد على هذه الفطرة وفيه: حتى تكونوا أنتم تجدعونها فصح بهذا كله ضرورة أن الناس كلهم مولودون على الاسلام، وهذا تأويل قوله تعالى:
* (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا) * فقبول الملة الاسلامية هي الأمانة، وأن الله تعالى خلق الأنفس كلها جملة، وهي الحساسة العاقلة المميزة، ثم واثقها بالاسلام فقبلته، ثم أقرها حتى نقل كل نفس منها إلى جسدها فأقامت فيه ما أقامت، ثم تعود إلى مقرها عند سماء الدنيا حيث رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء، فأهل السعادة في محل اليمين في سرور وخير، وأهل الشقاء في محل الشمال في نكد ومشقة إلى يوم القيامة، فينزلون منازلهم من الجنة والنار بعد أن تكسي أجسادا على العظام المخرجة من القبور بعد أن أرمت وهذا نص قوله تعالى: * (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ونص قوله تعالى: * (فأما إن كان من أصحاب اليمين، فسلام لك من أصحاب اليمين) * وقال تعالى:
* (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة) * وقوله تعالى:
* (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) * بيان جلي أن النفوس إذا حلت الأجساد الكدرة الأرضية في الدنيا، فإنها ينتقص تمييزها، ويذهب ذكرها لما سلف، وأنها إذا فارقتها صح حسها، وذكا تمييزها، وصفا إدراكها، قال تعالى: * (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) * وأخبر تعالى أن الدنيا غرور، فسبحان مخترع الكل ومدبره، لا إله إلا هو.
فبهذا وبغيره قلنا: ألا يترك أحد على غير دين الاسلام إلا من صح النص