فلو كان لأحدكم مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه وقد قال قوم: إنه لا يكون صاحبا من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة لكن من تكررت صحبه.
قال أبو محمد: وهذا خطأ بيقين لأنه قول بلا برهان، ثم نسأل قائله عن حد التكرار الذي ذكر، وعن مدة الزمان الذي اشترط، فإن حد في ذلك حدا كان زائدا في التحكم بالباطل، وإن لم يجد في ذلك حدا كان قائلا بما لا علم له به، وكفى بهذا ضلالا، وبرهان بطلان قوله أيضا، إن اسم الصحبة في اللغة إنما هو لمن ضمته مع آخر حالة ما، فإنه قد صحبه فيها، فلما كان من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غير منابذ له ولا جاحد لنبوته قد صحبه في ذلك الوقت، وجب أن يسمى صاحبا، وأما التابعون ومن بعدهم فإنما لنا ظواهر أحوالهم، إذ لا شهادة من الله تعالى لاحد منهم بالنجاة، وليس كل التابعين فمن بعدهم عدلا، فإنما يراعى أحوالهم، فمن ظهر منه الفضل والعلم فهو مقبول النقل.
قال أبو محمد: وقد غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن بحنين في اثني عشر ألف مقاتل كلهم يقع عليهم اسم الصحبة، ثم غزا تبوك في أكثر من ذلك، ووفد عليه جميع البطون من جميع قبائل العرب وكلهم صاحب، وعددهم بلا شك يبلغ أزيد من ثلاثين ألف إنسان ووفد عليه صلى الله عليه وسلم وفود الجن فأسلموا وصح لهم اسم الصحبة، وأخذوا عنه صلى الله عليه وسلم القرآن وشرائع الاسلام وكل من ذكرنا ممن لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه، فكل امرئ منهم، إنسهم وجنهم، فلا شك أفتى أهله وجيرانه وقومه. هذا أمر يعلم ضرورة ثم لم ترو الفتيا في العبادات والاحكام إلا عن مائة ونيف وثلاثين منهم فقط من رجل وامرأة بعد التقصي الشديد، فكيف يسع من له رمق من عقل، أو مسكة من دين وشعبة من حياء أن يدعي عليهم الاجماع فيما لا يوقن أن جميعهم قال به وعلمه، لا سيما وإنما ننازعهم في دعوى الاجماع عليهم في الخطأ المخالف لكلام الله عز وجل في القرآن، والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا هو العجب وفيما ذكرنا يقين العلم بكذب من ادعى الاجماع على ما يمكن أن يخفى من أحكام القرآن والسنن فكيف على خلاف القرآن والسنن.
قال أبو محمد: وهذا حين نذكر إن شاء الله تعالى اسم كل من روى عن مسألة