الأرض، فصح أنه لا معنى لتبدل الزمان، ولا لتبدل المكان، ولا لتغير الأحوال، وأن ما ثبت فهو ثابت أبدا في كل زمان وفي كل مكان، وعلى كل حال، حتى يأتي نص ينقله عن حكمه في زمان آخر، أو مكان آخر، أو حال أخرى.
وكذلك إن جاء نص بوجوب حكم في زمان ما، أو في مكان، أو في حال ما وبين لنا ذلك في النص، وجب ألا يتعدى النص. فلا يلزم ذلك الحكم حينئذ في غير ذلك الزمان، ولا في غير ذلك المكان ولا في غير تلك الحال قال تعالى:
* (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) * وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدر كم صلى، أن يصلي حتى يكون على يقين من التمام، وعلى شك من الزيادة، لأنه على يقين من أنه لم يصل ما لزمه، فعليه أن يصليه وهذا هو نص قولنا.
وأما إذا تبدل الاسم فقد تبدل الحكم بلا شك، كالخمر يتخلل أو يخلل لأنه إنما حرمت الخمر، والخل ليس خمرا، وكالعذرة تصير ترابا، فقد سقط حكمها، وكلبن الخنزير والحمر والميتات يأكلها الدجاج ويرتضعه الجدي، فقد بطل التحريم إذا انتقل اسم الميتة واللبن والخمر، ومن حرم ما لا يقع عليه الاسم الذي به جاء التحريم، فلا فرق، بينه وبين من أحل بعض ما وقع عليه الاسم الذي به جاء التحريم، وكلاهما متعد لحدود الله تعالى: * (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) * وهذا حكم جامع لكل ما اختلف فيه، فمن التزمه فقد فاز ومن خالفه فقد هلك وأهلك، وبالله تعالى التوفيق. وكل احتياط أدى إلى الزيادة في الدين ما لم يأذن به الله تعالى، أو إلى النقص منه أو إلى تبديل شئ منه - فليس احتياطا، ولا هو خيرا، بل هو هلكة وضلال وشرع لم يأذن به الله تعالى والاحتياط كله لزوم القرآن والسنة.
وأما العقود والعهود والشروط والوعد، فإن أصل الاختلاف فيها على قولين لا يخرج الحق عن أحدهما: وما عداهما فتخليط ومناقضات لا يستقر لقائلها قول على حقيقة، فأحد القولين المذكورين: إما أنها كلها لازم حق إلا ما أبطله منها نص. والثاني:
أنها كلها باطل غير لازم إلا ما أوجبه منها نص، أما ما أباحه منها نص، فكان من حجة من قال: إنها كلها حق لازم إلا ما أبطله منها نص، أن قال: قال الله عز وجل: