العليا للفكر) (1).
وهي نظرية الفلاسفة الإسلاميين بصورة عامة، والتي أطلق عليها أستاذنا الشهيد الصدر عنوان (نظرية الانتزاع) في كتابه (فلسفتنا) (2) وأعطى عنها بقولة: (وتتلخص هذه النظرية في تقسيم التصورات الذهنية إلى قسمين:
أ - تصورات أولية.
ب - وتصورات ثانوية.
فالتصورات الأولية هي الأساس التصوري للذهن البشري، وتتولد هذه التصورات من الإحساس بمحتوياتها بصورة مباشرة، فنحن نتصور الحرارة لأننا أدركناها باللمس، ونتصور اللون لأننا أدركناه بالبصر، ونتصور الحلاوة لأننا أدركناها بالذوق، ونتصور الرائحة لأننا أدركناها بالشم. وهكذا جميع المعاني التي ندركها بحواسنا، فإن الإحساس بكل واحد منها السبب في تصوره ووجود فكرة عنه في الذهن البشري.
وتتشكل من هذه المعاني القاعدة الأولية للتصور وينشئ الذهن بناء على هذه القاعدة التصورات الثانوية، فيبدأ بذلك دور الإبتكار والإنشاء، وهو الذي تصطلح عليه هذه النظرية بلفظ (الانتزاع) فيولد الذهن مفاهيم جديدة من تلك المعاني الأولية.
وهذه المعاني الجديدة خارجة عن طاقة الحس، وإن كانت مستنبطة ومستخرجة من المعاني التي يقدمها الحس إلى الذهن والفكر.
وهذه النظرية تتسق مع البرهان والتجربة، ويمكنها أن تفسر جميع المفردات التصورية تفسيرا متماسكا.
فعلى ضوء هذه النظرية نستطيع أن نفهم كيف انبثقت مفاهيم العلة والمعلول، والجوهر والعرض، والوجود، والوحدة، في الذهن البشري.