مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود فهم من الكتاب والسنة والإجماع، وكانت من المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرفات الشرع، فهي باطلة مطروحة، ومن صار إليها فقد شرع، كما أن من استحسن فقد شرع، وكل مصلحة رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصودا بالكتاب والسنة والإجماع فليس خارجا من هذه الأصول، لكنه لا يسمى قياسا بل مصلحة مرسلة إذ القياس أصل معين، وكون هذه المعاني مقصودة عرفت لا بدليل واحد، بل بأدلة كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الإمارات تسمى لذلك مصلحة مرسلة، وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشرع فلا وجه للخلاف في اتباعها، بل يجب القطع بكونها حجة " (1).
والجواب الذي يصلح - لمثبتي الاستصلاح - التمسك به. إن حصر معرفة المصلحة التي تحفظ مقاصد الشرع بالكتاب والسنة والإجماع لا دليل عليه لما سبق من إثبات كاشفية العقل وإدراكه للمصالح والمفاسد المستلزم لإدراك حكم الشارع بها.
ومع إمكان الإدراك فليس هناك ما يمنع من وقوعه أحيانا، وعلى أي حال فالمسألة مبنائية.
3 - ما ذكره الآمدي في كتابه الأحكام من أن " المصالح على ما بينا، منقسمة إلى ما عهد من الشارع اعتبارها، وإلى ما عهد منه إلغاؤها، والمرسلة مترددة بين ذينك القسمين، وليس إلحاقها بأحدهما أولى من إلحاقها بالآخر، فامتنع الإحتجاج بالمرسل دون شاهد بالاعتبار يبين أنه من قبيل المعتبر دون الملغى " (2).
وموضع الفجوة في هذا الاستدلال اعتبار المصلحة مترددة بين القسمين إذا أريد من ترددها ترددها بين ما دل على الإعتبار من النصوص، وما دل على الإلغاء لإفتراض القائلين بالإستصلاح أن النصوص غير متعرضة لها اعتبارا أو