تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٩٢
في معنى الضرر والضرار هذا بحث عن مفردات الحديث، وسيوافيك البحث عن مفاد الهيئة التركيبية فنقول: اما الضرر فهو من الكلمات الشايعة الدارجة التي لا يكاد يخفى معناه على العرف الساذج، والمفهوم منه عندهم هو النقص على المال والنفس، يقال: البيع ضرري أو أضر به البيع أو ضره الدواء والغذاء، ويقابله النفع، ولا يستعمل في هتك الحرمة والإهانة، كما لا يستعمل النفع في ضد الهتك، فلو نال الرجل: من عرض جاره بان نظر إلي امرأته نظر الريبة، أو هتكه واهانه، لا يقال: إنه أضر به، كما لا يقال عند تبجيله وتوقيره بين الناس انه نفعه، وذلك واضح، واما توصيف الضرر أحيانا بالعرضي فهو أعم من الحقيقة والمجاز، هذا هو المفهوم عرفا واما أئمة اللغة فقد ذكر الجوهري في صحاحه انه يقال:
مكان ذو ضرر أي ضيق ويقال: لا ضرر عليك ولا ضارورة وتضرة وظاهره ان في هذه الاستعمالات يكون الضرر بمعنى الضيق، وقال الفيروزآبادي في قاموسه: الضرر الضيق وفي المصباح: الضرر بمعنى فعل المكروه يقال: ضره فعل به مكروها، وفى المنجد الضر والضر والضرر ضد النفع، الشدة، الضيق وسوء الحال والنقصان الذي يدخل في الشئ ولعل منه الضراء ضد السراء بمعنى الشدة والقحط (1).
وبما ذكرنا يظهر ان معنى الضرر والضرار والمضار في الروايات انما هو الضيق و الشدة وايصال المكروه وإيجاد الضرر، فلاحظ قوله صلى الله عليه وآله: ما أراك يا سمرة الا مضارا أي ما أراك الا رجلا موقعا أخاك في الحرج والشدة، ولا تريد بفعلك الا التضييق على الأنصاري. واماما ربما يقال: إن استعمال الضرر بلحاظ الضرر العرضي وانه بدخوله فجأة كان يورث الضرر العرضي، ويوجب هتكه وان معنى قوله: الا مضارا:
أي هاتكا للحرمة بدخوله منزل الأنصاري ونظره إلي أهله، فضعيف جدا، إذ قد

(1) لا يخفى تقارب هذه المعاني الكثيرة التي ذكرها أئمة اللغة، بحيث يمكن ارجاعها إلى معنى واحد، كما لا يخفى تقارب ما يفهم منه عرفا مع هذه المعاني وان شئت فراجع إلى المخصص لأبي على الفارسي فان كتابه موضوع لتشخيص المعاني الأولية وارجاع بعضها إلى بعض - المؤلف.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست