لو نذر التصدق عند قيام الدليل على عدالته، فلكل من الموضوعين اثر ومقام، فلو أراد ان يأتم بزيد وشك في كونه عادلا وقت الائتمام أو لا، مع كونه عادلا فيما سبق فلابد من أن يستصحب كون زيد عادلا، واستصحاب عدالة زيد، لا يثبت كون زيد عادلا، وقد أوضحنا في رسالة الدماء الثلاثة ان ما هو المفيد هو استصحاب كون المرأة حايضا، لا استصحاب حيضية الدم، فإنه لا يثبت كونها حايضا.
إذا عرفت هذا: ان المفيد من الاستصحاب استصحاب ما هو موضوع للأثر وهو كون الصلاة بلا مانع أو الهيئة الاتصالية بلا قاطع، فيستصحب بقائها علي هذه الحالة عند الشك في طروهما، واما استصحاب عدم وقوع المانع فيها أو عدم وقوع القاطع في الهيئة الاتصالية لا يثبت كون الصلاة بلا مانع أو كون الهيئة بلا قاطع، نعم قد احتملنا في الدورة السابقة جريان الاستصحاب في نفس التقييد أي الكون الرابط وقلنا إن استصحاب عدم تحقق المانع في الصلاة عبارة أخرى عن كونها بلا مانع الا انه مورد تأمل ونظر كما عرفت وما قويناه أخيرا أوضح وليعلم ان جريان هذا الاستصحاب في المانع والقاطع لا يحتاج إلي اثبات الهيئة الاتصالية للصلاة، نعم لا يجرى هذا الاستصحاب فيما يقارن للصلاة من أول وجودها كاللباس المشكوك فيه وانما يجرى في الطارئ المحتمل أثناء الصلاة.
واعلم: ان هذا الاستصحاب مبنى على أن معنى مانعية الشئ وقاطعيته راجع إلى اخذ عدمهما في الصلاة بحيث يكون المأمور به هو الصلاة المتقيد بعدمهما كما هو المعروف في معنى الموانع والقواطع فيجري هذا الاستصحاب وقد ميزت الأصل النافع عن عدمه واما إذا قلنا بان كون الشئ مانعا أو قاطعا ليس الا كون وجوده مخربا للصلاة، من دون ان يقع العدم موردا للامر، ومن دون أن يكون مؤثرا في حصول الغرض كما هو الحال في الموانع التكوينية، فان المؤثر هو النار، لا النار مع عدم الرطوبة، وانما الرطوبة مخربة وهادمة لاثرها، فلا مجال لهذا الاستصحاب، لان المأمور به ليس الصلاة المتصفة بلا مانع ولا قاطع بل ذات الصلاة التي لا يجتمع في نفس الامر مع هذه القواطع والموانع وهو لا يحرز بالأصل، لان نفى أحد الضدين لا يلازم