أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٤ - الصفحة ٣١٠
فهمه وذوقه، وإنما أراد أن يؤكد على سر هذا الحكم والرد على من يرى خلافه الذي فيه نقض لليقين بالشك وعدم الأخذ باليقين.
- 4 - رواية محمد بن مسلم محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
قال أمير المؤمنين - صلوات الله وسلامه عليه -: من كان على يقين فشك فليمض على يقينه، فإن الشك لا ينقض اليقين (1).
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام) بهذا المضمون: من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه، فإن اليقين لا يدفع بالشك (2).
استدل بعضهم بهذه الرواية على الاستصحاب مدعيا ظهورها فيه (3).
ولكن الذي نراه أنها غير ظاهرة فيه، فإن القدر المسلم منها أنها صريحة في أن مبدأ حدوث الشك بعد حدوث اليقين من أجل كلمة " الفاء " التي تدل على الترتيب. غير أن هذا القدر من البيان يصح أن يراد منه " قاعدة اليقين " ويصح أن يراد منه " قاعدة الاستصحاب " إذ يجوز أن يراد أن اليقين قد زال بحدوث الشك فيتحد زمان متعلقهما، فتكون موردا للقاعدة الأولى، ويجوز أن يراد أن اليقين قد بقي إلى زمان الشك فيختلف زمان متعلقهما، فتكون موردا للاستصحاب. وليس في الرواية ظهور في أحدهما بالخصوص (4) وإن قال الشيخ الأنصاري: أنها ظاهرة في وحدة

(١) الوسائل: ج ١ ص ١٧٥، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء، ح ٦.
(٢) مستدرك الوسائل: ج ١ ص ٢٢٨، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء، الحديث ٤.
(٣) الرسائل الأصولية للوحيد البهبهاني: ص ٤٤٠.
لا يخفى أن هنا مقدمة مطوية يجب التنبه لها، وهي أن تجرد كلمة " اليقين " و " الشك " في الرواية من ذكر المتعلق يدل على وحدة المتعلق، يعني أن هذا التجرد يدل على أن ما تعلق به اليقين هو نفس ما تعلق به الشك، وإلا فإن من المقطوع به أنه ليس المراد اليقين بأي شئ كان، والشك بأي شئ كان لا يرتبط بالمتيقن. ولكن كونها دالة على وحدة المتعلق لا يجعلها ظاهرة في كونه واحدا في جميع الجهات حتى من جهة الزمان لتكون ظاهرة في " قاعدة اليقين " كما قيل.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة