أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٤ - الصفحة ٢٩٠
أدلة الاستصحاب:
الدليل الأول - بناء العقلاء:
لا شك في أن العقلاء من الناس - على اختلاف مشاربهم وأذواقهم - جرت سيرتهم في عملهم وتبانوا في سلوكهم العملي على الأخذ بالمتيقن السابق عند الشك اللاحق في بقائه. وعلى ذلك قامت معايش العباد، ولولا ذلك لاختل النظام الاجتماعي ولما قامت لهم سوق وتجارة.
وقيل: إن ذلك مرتكز حتى في نفوس الحيوانات، فالطيور ترجع إلى أوكارها والماشية تعود إلى مرابضها (1). ولكن هذا التعميم للحيوانات محل نظر، بل ينبغي أن يعد من المهازل، لعدم حصول الاحتمال عندها حتى يكون ذلك منها استصحابا، بل تجري في ذلك على وفق عادتها بنحو لا شعوري.
وعلى كل حال، فإن بناء العقلاء في عملهم مستقر على الأخذ بالحالة السابقة عند الشك في بقائها في جميع أحوالهم وشؤونهم، مع الالتفات إلى ذلك والتوجه إليه.

(1) ذكره صاحب الفصول في نقل احتجاج القائلين بالإثبات مطلقا، الفصول الغروية:
ص 369.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة