لو أنه التفت قبل الصلاة، فإن المصلي حينئذ يكون بمنزلة من دخل في الصلاة وهو غير متطهر يقينا، فلا تصح صلاته وإن كان غافلا حين الصلاة، ولا تصححها " قاعدة الفراغ " لأ نهى لا تكون حاكمة على الاستصحاب الجاري قبل الدخول في الصلاة.
معنى حجية الاستصحاب:
من جملة المناقشات في تعريف الاستصحاب المتقدم - وهو " إبقاء ما كان " ونحوه - ما قاله بعضهم: إنه لا شك في صحة توصيف الاستصحاب بالحجية، مع أنه لو أريد منه ما يؤدي معنى " الإبقاء " لا يصح وصفه بالحجة، لأ أنه إن أريد منه " الإبقاء العملي المنسوب إلى المكلف " فواضح عدم صحة توصيفه بالحجة، لأ أنه ليس الإبقاء العملي يصح أن يكون دليلا على شئ وحجة فيه. وإن أريد منه " الإلزام الشرعي " فإنه مدلول الدليل، لا أنه دليل على نفسه وحجة على نفسه، وكيف يكون دليلا على نفسه وحجة على نفسه؟ فهو من هذه الجهة شأنه شأن الأحكام التكليفية المدلولة للأدلة.
قلت: نستطيع حل هذه الشبهة بالرجوع إلى ما ذكرناه من معنى " الإبقاء " الذي هو مؤدي الاستصحاب، وهو أن المراد به: القاعدة الشرعية المجعولة في مقام العمل. فليس المراد منه " الإبقاء العملي المنسوب إلى المكلف " ولا " الإلزام الشرعي " فيصح توصيفه بالحجة.
ولكن لا بمعنى الحجة في باب الأمارات بل بالمعنى اللغوي لها، لأ أنه لا معنى لكون قاعدة العمل دليلا على شئ مثبتة له (1) بل هي الأمر المجعول من قبل الشارع، فتحتاج إلى إثبات ودليل كسائر الأحكام