أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٤ - الصفحة ٢٩٤
وعليه، فلم يبق علينا إلا النظر في الآيات والأخبار الناهية عن اتباع غير العلم في أنها صالحة للردع في المقام أو غير صالحة؟
والحق أنها غير صالحة، لأن المقصود من النهي عن اتباع غير العلم هو النهي عنه لإثبات الواقع به، وليس المقصود من الاستصحاب إثبات الواقع، فلا يشمل هذا النهي الاستصحاب الذي هو قاعدة كلية يرجع إليها عند الشك، فلا ترتبط بالموضوع الذي نهت عنه الآيات والأخبار حتى تكون شاملة لمثله، أي أن الاستصحاب خارج عن الآيات والأخبار تخصصا.
وأما ما دل على البراءة أو الاحتياط فهو في عرض الدليل على الاستصحاب فلا يصلح للردع عنه، لأن كلا منهما موضوعه " الشك " بل أدلة الاستصحاب مقدمة على أدلة هذه الأصول، كما سيأتي.
الدليل الثاني - حكم العقل:
والمقصود منه هنا هو حكم العقل النظري، لا العملي، إذ يذعن بالملازمة بين العلم بثبوت الشئ في الزمان السابق وبين رجحان بقائه في الزمان اللاحق عند الشك ببقائه.
أي أنه إذا علم الإنسان بثبوت شئ في زمان ثم طرأ ما يزلزل العلم ببقائه في الزمان اللاحق فإن العقل يحكم برجحان بقائه وبأنه مظنون البقاء، وإذا حكم العقل برجحان البقاء فلابد أن يحكم الشرع أيضا برجحان البقاء.
وإلى هذا يرجع ما نقل عن العضدي في تعريف الاستصحاب بأن معناه: أن الحكم الفلاني قد كان ولم يعلم عدمه وكل ما كان كذلك فهو مظنون البقاء (1).

(1) شرح مختصر الأصول: ج 2 ص 453.
(٢٩٤)
مفاتيح البحث: النهي (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة