وإذا ثبتت هذه المقدمة ننتقل إلى مقدمة أخرى فنقول: إن الشارع من العقلاء بل رئيسهم فهو متحد المسلك معهم، فإذا لم يظهر منه الردع عن طريقتهم العملية يثبت على سبيل القطع أنه ليس له مسلك آخر غير مسلكهم، وإلا لظهر وبان ولبلغه الناس. وقد تقدم مثل ذلك في حجية خبر الواحد.
وهذا الدليل - كما ترى - يتكون من مقدمتين قطعيتين:
1 - ثبوت بناء العقلاء على إجراء الاستصحاب.
2 - كشف هذا البناء عن موافقة الشارع واشتراكه معهم.
وقد وقعت المناقشة في المقدمتين معا. ويكفي في المناقشة ثبوت الاحتمال فيبطل به الاستدلال، لأن مثل هذه المقدمات يجب أن تكون قطعية، وإلا فلا يثبت بها المطلوب ولا تقوم بها للاستصحاب ونحوه حجة.
أما الأولى: فقد ناقش فيها استاذنا الشيخ النائيني (رحمه الله): بأن بناء العقلاء لم يثبت إلا فيما إذا كان الشك في الرافع، أما إذا كان الشك في المقتضي فلم يثبت منهم هذا البناء (1) - على ما سيأتي من معنى المقتضي والرافع اللذين يقصدهما الشيخ الأنصاري - فيكون بناء العقلاء هذا دليلا على التفصيل المختار له، وهو القول التاسع.
ولا يبعد صحة ما أفاده من التفصيل في بناء العقلاء، بل يكفي احتمال اختصاص بنائهم بالشك في الرافع. ومع الاحتمال يبطل الاستدلال، كما سبق.
وأما المقدمة الثانية: فقد ناقش فيها شيخنا الآخوند في الكفاية بوجهين، نذكرهما ونذكر الجواب عنهما: