أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٤ - الصفحة ٢٩٣
الواقع أو الاحتياط من قبلهم قد يضر في استكشاف ثبوتها عند الشارع كقاعدة، لأ نهى لا تكون عندهم كقاعدة لأجل الحالة السابقة. ولكن الرجاء بعيد جدا من قبلهم ما لم يكن هناك عندهم اطمئنان أو ظن أو تعبد بالحالة السابقة، لاحتمال أن الواقع غير الحالة السابقة، بل قد يترتب على عدم البقاء أغراض مهمة، فالبناء على البقاء خلاف الرجاء. وكذلك الاحتياط قد يقتضي البناء على عدم البقاء. فهذه الاحتمالات ساقطة في كونها سببا لتباني العقلاء ولو أحيانا.
ثانيا: - بعد التسليم بأن منشأ بناء العقلاء هو التعبد ببقاء ما كان - نقول: إن هذا لا يستكشف منه حكم الشارع إلا إذا أحرزنا رضاه ببنائهم وثبت لدينا أنه ماض عنده. ولكن لا دليل على هذا الرضا والإمضاء، بل إن عمومات الآيات والأخبار الناهية عن اتباع غير العلم كافية في الردع عن اتباع بناء العقلاء، وكذلك ما دل على البراءة والاحتياط في الشبهات.
بل احتمال عمومها للمورد كاف في تزلزل اليقين بهذه المقدمة. فلاوجه لاتباع هذا البناء، إذ لابد في اتباعه من قيام الدليل على أنه ممضى من قبل الشارع. ولا دليل (1).
والجواب ظاهر من تقريبنا للمقدمة الثانية على النحو الذي بيناه، فإنه لا يجب في كشف موافقة الشارع إحراز إمضائه من دليل آخر، لأن نفس بناء العقلاء هو الدليل والكاشف عن موافقته، كما تقدم. فيكفي في المطلوب عدم ثبوت الردع، ولا حاجة إلى دليل آخر على إثبات رضاه وإمضائه.

(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة