في قولك والله إن أتيتني لأكرمنك ولا ريب في استحالة ذلك ههنا لأن القسم وجوابه كلاهما وقد عرفت أن الشرط من جهته تعالى والاجتراء هو استبدال السلعة بالثمن أي أخذها بدلا منه لا بذله لتحصيلها كما قيل وإن كان مستلزما له فإن المعتبر في عقد الشراء ومفهومه هو الجلب دون السلب المعتبر في عقد البيع ثم استعير لأخذ شيء بإزالة ما عنده عينا كان أو معنى على وجه الرغبة في المأخوذ والإعراض عن الزائل كما هو المعتبر في المستعار منه حسبما مر تفصيله في قوله تعالى أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والضمير في به لله والمعنى لا نأخذ لأنفسنا بدلا من الله أي من حرمته عرضا من الدنيا بأن نهتكها ونزيلها بالحلف الكاذب أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال وقيل الضمير للقسم فلا بد من تقدير مضاف البتة أي لا نستبدل بصحة القسم بالله أي لا نأخذ لأنفسنا بدلا منها عرضا من الدنيا بأن نزيل عنه وصف الصدق ونصفه بالكذب أي لا نحلف كاذبين كما ذكر وإلا فلا سداد للمعنى سواء أريد به القسم الصادق أو الكاذب أما إن أريد به الكاذب فلأنه يفوت حينئذ ما هو المعتبر في الاستعارة من كون الزائل شيئا مرغوبا فيه عند الحالف كحرمة اسم الله تعالى ووصف الصحة والصدق في القسم ولا ريب في أن القسم الكاذب ليس كذلك وأما إن أريد به الصادق فلأنه وإن أمكن أن يتوسل باستعماله إلى عرض الدنيا كالقسم الكاذب لكن لا محظور فيه وأما التوسل إليه بترك استعماله فلا إمكان له ههنا حتى يصح التبرؤ منه وإنما يتوسل إليه باستعمال القسم الكاذب وليس استعماله من لوازم ترك استعمال الصادق ضرورة جواز تركهما معا حتى يتصور جعل ما أخذ بترك استعمال الصادق كما في صورة تقدير المضاف فإن إزالة وصف الصدق عن القسم مع بقاء الموصوف مستلزمة لثبوت وصف الكذب له البتة فتأمل وقوله تعالى «ولو كان» أي المقسم له المدلول عليه بفحوى الكلام «ذا قربى» أي قريبا منا تأكيد لتبرئهم من الحلف كاذبا ومبالغة في التنزه عنه كأنهما قالا لا نأخذ لأنفسنا بدلا من حرمة اسمه تعالى مالا ولو انضم إليه رعاية جانب الأقرباء فكيف إذا لم يكن كذلك وصيانة أنفسهما وإن كانت أهم من رعاية الأقرباء لكنها ليست ضميمة للمال بل هي راجعة إليه وجواب لو محذوف ثقة بدلالة ما سبق عليه أي لا نشتري به ثمنا والجملة معطوفة على أخرى مثلها كما فصل في تفسير قوله تعالى ولو أعجبك الخ وقوله عز وجل «ولا نكتم شهادة الله» اي الشهادة التي أمرنا الله تعالى بإقامتها معطوف على لا نشتري به داخل معه في حكم القسم وعن الشعبي أنه وقف على شهادة ثم ابتدأ آلله بالمد على حذف حرف القسم وتعويض حرف الاستفهام منه وبغير مد كقولهم الله لأفعلن «إنا إذا لمن الآثمين» أي إن كتمناها وقرئ لملاثمين بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام وإدخال النون فيها «فإن عثر» أي اطلع بعد التحليف «على أنهما استحقا إثما» حسبما اعترفا به بقولهما إنا إذا لمن الآثمين أي فعلا ما يوجب إثما من تحريف وكتم بأن ظهر
(٩٠)