تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٩٠
في قولك والله إن أتيتني لأكرمنك ولا ريب في استحالة ذلك ههنا لأن القسم وجوابه كلاهما وقد عرفت أن الشرط من جهته تعالى والاجتراء هو استبدال السلعة بالثمن أي أخذها بدلا منه لا بذله لتحصيلها كما قيل وإن كان مستلزما له فإن المعتبر في عقد الشراء ومفهومه هو الجلب دون السلب المعتبر في عقد البيع ثم استعير لأخذ شيء بإزالة ما عنده عينا كان أو معنى على وجه الرغبة في المأخوذ والإعراض عن الزائل كما هو المعتبر في المستعار منه حسبما مر تفصيله في قوله تعالى أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والضمير في به لله والمعنى لا نأخذ لأنفسنا بدلا من الله أي من حرمته عرضا من الدنيا بأن نهتكها ونزيلها بالحلف الكاذب أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال وقيل الضمير للقسم فلا بد من تقدير مضاف البتة أي لا نستبدل بصحة القسم بالله أي لا نأخذ لأنفسنا بدلا منها عرضا من الدنيا بأن نزيل عنه وصف الصدق ونصفه بالكذب أي لا نحلف كاذبين كما ذكر وإلا فلا سداد للمعنى سواء أريد به القسم الصادق أو الكاذب أما إن أريد به الكاذب فلأنه يفوت حينئذ ما هو المعتبر في الاستعارة من كون الزائل شيئا مرغوبا فيه عند الحالف كحرمة اسم الله تعالى ووصف الصحة والصدق في القسم ولا ريب في أن القسم الكاذب ليس كذلك وأما إن أريد به الصادق فلأنه وإن أمكن أن يتوسل باستعماله إلى عرض الدنيا كالقسم الكاذب لكن لا محظور فيه وأما التوسل إليه بترك استعماله فلا إمكان له ههنا حتى يصح التبرؤ منه وإنما يتوسل إليه باستعمال القسم الكاذب وليس استعماله من لوازم ترك استعمال الصادق ضرورة جواز تركهما معا حتى يتصور جعل ما أخذ بترك استعمال الصادق كما في صورة تقدير المضاف فإن إزالة وصف الصدق عن القسم مع بقاء الموصوف مستلزمة لثبوت وصف الكذب له البتة فتأمل وقوله تعالى «ولو كان» أي المقسم له المدلول عليه بفحوى الكلام «ذا قربى» أي قريبا منا تأكيد لتبرئهم من الحلف كاذبا ومبالغة في التنزه عنه كأنهما قالا لا نأخذ لأنفسنا بدلا من حرمة اسمه تعالى مالا ولو انضم إليه رعاية جانب الأقرباء فكيف إذا لم يكن كذلك وصيانة أنفسهما وإن كانت أهم من رعاية الأقرباء لكنها ليست ضميمة للمال بل هي راجعة إليه وجواب لو محذوف ثقة بدلالة ما سبق عليه أي لا نشتري به ثمنا والجملة معطوفة على أخرى مثلها كما فصل في تفسير قوله تعالى ولو أعجبك الخ وقوله عز وجل «ولا نكتم شهادة الله» اي الشهادة التي أمرنا الله تعالى بإقامتها معطوف على لا نشتري به داخل معه في حكم القسم وعن الشعبي أنه وقف على شهادة ثم ابتدأ آلله بالمد على حذف حرف القسم وتعويض حرف الاستفهام منه وبغير مد كقولهم الله لأفعلن «إنا إذا لمن الآثمين» أي إن كتمناها وقرئ لملاثمين بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام وإدخال النون فيها «فإن عثر» أي اطلع بعد التحليف «على أنهما استحقا إثما» حسبما اعترفا به بقولهما إنا إذا لمن الآثمين أي فعلا ما يوجب إثما من تحريف وكتم بأن ظهر
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302