والتنوين على أن عاملها مضمر هو العامل في اثنان أيضا أي ليقم شهادة بينكم اثنان «ذوا عدل منكم» أي من أقاربكم لأنهم أعلم بأحوال الميت وأنصح له وأقرب إلى تحري ما هو أصلح له وقيل من المسلمين وهما صفتان لاثنان «أو آخران» عطف على اثنان تابع له فيما ذكر من الخبرية والفاعلية أي أو شهادة آخرين أو أن يشهد بينكم آخران أو ليقم شهادة بينكم آخران وقوله تعالى «من غيركم» صفة لآخران أي كائنان من غيركم أي من الأجانب وقيل من أهل الذمة وقد كان ذلك في بدء الإسلام لعزة وجود المسلمين لا سيما في السفر ثم نسخ وعن مكحول أنه نسخها قوله تعالى وأشهدوا ذوى عدل منكم «إن أنتم» مرفوع بمضمر يفسره ما بعده تقديره إن ضربتم فلما حذف الفعل انفصل الضمير وهذا رأي جمهور البصريين وذهب الأخفش والكوفيون إلى أنه مبتدأ بناء على جواز وقوع المبتدأ بعد أن الشرطية كجواز وقوعه بعد إذا فقوله تعالى «ضربتم في الأرض» أي سافرتم فيها لا محل له من الإعراب عند الأولين لكونه مفسرا ومرفوع على الخبرية عند الباقين وقوله تعالى فاصابتكم مصيبة الموت عطف على الشرطية وجوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه أي إن سافرتم فقاربكم الأجل حينئذ وما معكم من الأقارب أو من أهل الإسلام من يتولى أمر الشهادة كما هو الغالب المعتاد في الأسفار فليشهد آخران أو فاستشهدوا آخرين أو فالشاهدان آخران كذا قيل والأنسب أن يقدر عين ما سبق أي فآخران على معنى شهادة بينكم شهادة آخرين أو فأن يشهد آخران على الوجوه المذكورة ثمة وقوله تعالى «تحبسونهما» استئناف وقع جوابا عما نشأ من اشتراط العدالة كأنه قيل فكيف نصنع إن ارتبنا بالشاهدين فقيل تحبسونهما أي تقفونهما وتصبرونهما للتحليف «من بعد الصلاة» وقيل هو صفة لآخران والشرط بجوابه المحذوف اعتراض فائدته الدلالة على أن اللائق إشهاد الأقارب أو أهل الإسلام وأما إشهاد الآخرين فعند الضرورة الملجئة إليه وأنت خبير بأنه يقتضي اختصاص الحبس بالآخرين مع شموله للأولين أيضا قطعا على أن اعتبار اتصافهما بذلك يأباه مقام الأمر بإشهادهما إذ مآله فآخران شأنهما الحبس والتحليف وإن أمكن إتمام التقريب باعتبار قيد الارتياب بهما كما يفيده الاعتراض الآتي والمراد بالصلاة صلاة العصر وعدم تعيينها لتعينها عندهم بالتحليف بعدها لأنه وقت اجتماع الناس ووقت تصادم ملائكة الليل وملائكة النهار ولأن جميع أهل الأديان يعظمونه ويجتنبون فيه الحلف الكاذب وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وقتئذ حلف من حلف كما سيأتي وقيل بعد أي صلاة كانت لأنها داعية إلى النطق بالصدق وناهية عن الكذب والزور إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر «فيقسمان بالله» عطف على تحبسونهما وقوله تعالى «إن ارتبتم» شرطية محذوفة الجواب لدلالة ما سبق من الحبس والإقسام عليه سيقت من جهته تعالى معترضة بين القسم وجوابه للتنبيه على اختصاص الحبس والتحليف بحال الارتياب أي إن ارتاب بهما الوارث منكم بخيانة وأخذ شئ من التركة فاحبسوهما وحلفوهما بالله وقوله تعالى «لا نشتري به ثمنا» جواب للقسم وليس هذا من قبيل ما اجتمع فيه قسم وشرط فاكتفى بذكر جواب سابقهما عن جواب الآخر كما هو الواقع غالبا فإن ذلك إنما يكون عند سد جواب السابق مسد جواب اللاحق لاتحاد مضمونهما كما
(٨٩)