تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٨٩
والتنوين على أن عاملها مضمر هو العامل في اثنان أيضا أي ليقم شهادة بينكم اثنان «ذوا عدل منكم» أي من أقاربكم لأنهم أعلم بأحوال الميت وأنصح له وأقرب إلى تحري ما هو أصلح له وقيل من المسلمين وهما صفتان لاثنان «أو آخران» عطف على اثنان تابع له فيما ذكر من الخبرية والفاعلية أي أو شهادة آخرين أو أن يشهد بينكم آخران أو ليقم شهادة بينكم آخران وقوله تعالى «من غيركم» صفة لآخران أي كائنان من غيركم أي من الأجانب وقيل من أهل الذمة وقد كان ذلك في بدء الإسلام لعزة وجود المسلمين لا سيما في السفر ثم نسخ وعن مكحول أنه نسخها قوله تعالى وأشهدوا ذوى عدل منكم «إن أنتم» مرفوع بمضمر يفسره ما بعده تقديره إن ضربتم فلما حذف الفعل انفصل الضمير وهذا رأي جمهور البصريين وذهب الأخفش والكوفيون إلى أنه مبتدأ بناء على جواز وقوع المبتدأ بعد أن الشرطية كجواز وقوعه بعد إذا فقوله تعالى «ضربتم في الأرض» أي سافرتم فيها لا محل له من الإعراب عند الأولين لكونه مفسرا ومرفوع على الخبرية عند الباقين وقوله تعالى فاصابتكم مصيبة الموت عطف على الشرطية وجوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه أي إن سافرتم فقاربكم الأجل حينئذ وما معكم من الأقارب أو من أهل الإسلام من يتولى أمر الشهادة كما هو الغالب المعتاد في الأسفار فليشهد آخران أو فاستشهدوا آخرين أو فالشاهدان آخران كذا قيل والأنسب أن يقدر عين ما سبق أي فآخران على معنى شهادة بينكم شهادة آخرين أو فأن يشهد آخران على الوجوه المذكورة ثمة وقوله تعالى «تحبسونهما» استئناف وقع جوابا عما نشأ من اشتراط العدالة كأنه قيل فكيف نصنع إن ارتبنا بالشاهدين فقيل تحبسونهما أي تقفونهما وتصبرونهما للتحليف «من بعد الصلاة» وقيل هو صفة لآخران والشرط بجوابه المحذوف اعتراض فائدته الدلالة على أن اللائق إشهاد الأقارب أو أهل الإسلام وأما إشهاد الآخرين فعند الضرورة الملجئة إليه وأنت خبير بأنه يقتضي اختصاص الحبس بالآخرين مع شموله للأولين أيضا قطعا على أن اعتبار اتصافهما بذلك يأباه مقام الأمر بإشهادهما إذ مآله فآخران شأنهما الحبس والتحليف وإن أمكن إتمام التقريب باعتبار قيد الارتياب بهما كما يفيده الاعتراض الآتي والمراد بالصلاة صلاة العصر وعدم تعيينها لتعينها عندهم بالتحليف بعدها لأنه وقت اجتماع الناس ووقت تصادم ملائكة الليل وملائكة النهار ولأن جميع أهل الأديان يعظمونه ويجتنبون فيه الحلف الكاذب وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وقتئذ حلف من حلف كما سيأتي وقيل بعد أي صلاة كانت لأنها داعية إلى النطق بالصدق وناهية عن الكذب والزور إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر «فيقسمان بالله» عطف على تحبسونهما وقوله تعالى «إن ارتبتم» شرطية محذوفة الجواب لدلالة ما سبق من الحبس والإقسام عليه سيقت من جهته تعالى معترضة بين القسم وجوابه للتنبيه على اختصاص الحبس والتحليف بحال الارتياب أي إن ارتاب بهما الوارث منكم بخيانة وأخذ شئ من التركة فاحبسوهما وحلفوهما بالله وقوله تعالى «لا نشتري به ثمنا» جواب للقسم وليس هذا من قبيل ما اجتمع فيه قسم وشرط فاكتفى بذكر جواب سابقهما عن جواب الآخر كما هو الواقع غالبا فإن ذلك إنما يكون عند سد جواب السابق مسد جواب اللاحق لاتحاد مضمونهما كما
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302