الخطوب وكابدوا من الكروب والتجاء إلى ربهم في الانتقام منهم وقيل المعنى لا علم لنا بما أحدثوا بعدنا وإنما الحكم للخاتمة ورد ذلك بأنهم يعرفونهم بسيماهم فكيف يخفى عليهم أمرهم وأنت خبير بأن مرادهم حينئذ أن بعضهم كانوا في زمانهم على الحق ثم صاروا كفرة وعن ابن عباس ومجاهد والسدي رضي الله عنهم أنهم يفزعون من أول الأمر ويذهلون عن الجواب ثم يجيبون بعد ما ثابت إليهم عقولهم بالشهادة على أممهم ولا يلائمه التعليل المذكور وقيل المراد به المبالغة في تحقيق فضيحتهم وقرئ علام الغيوب بالنصب على النداء أو الاختصاص بالمدح على أن الكلام قد تم عند قوله تعالى أنت أي إنك أنت المنعوت بنعوت كمالك المعروف بذلك «إذ قال الله يا عيسى ابن مريم» شروع في بيان ما جرى بينه تعالى وبين واحد من الرسل المجموعين من المفاوضة على التفصيل إثر بيان ما جرى بينه تعالى وبين الكل على وجه الإجمال ليكون ذلك كالأنموذج لتفاصيل أحوال الباقين وتخصيص شأن عيسى عليه السلام بالبيان تفصيلا من بين شؤون سائر الرسل عليهم السلام مع دلالتها على كمال هو ل ذلك اليوم ونهاية سوء حال المكذبين بالرسل لما أنه شأنه عليه السلام متعلق بكلا الفريقين من أهل الكتاب الذين نعيت عليهم في السورة الكريمة جناياتهم فتفصيله أعظم عليهم وأجلب لحسرتهم وندامتهم وأفت في أعضادهم وأدخل في صرفهم عن غيهم وعنادهم وإذ بدل من يوم يجمع الله الخ وصيغة الماضي لما ذكر من الدلالة على تحقق الوقوع وإظهار الاسم الجليل في مقام الإضمار لما مر من المبالغة في التهويل وكلمة على في قوله تعالى «اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك» متعلقة بنفس النعمة إن جعلت مصدرا أي أذكر إنعامي عليكما أو بمحذوف هو حال منها إن جعلت اسما إي اذكر نعمتي كائنة عليكما وليس المراد بأمره عليه السلام يومئذ بذكر النعمة المنتظمة في سلك التعديد تكليفه عليه السلام شكرها والقيام بمواجبها ولات حين تكليف مع خروجه عليه السلام عن عهدة الشكر في أوانه أي خروج بل إظهار أمره عليه السلام بتعداد تلك النعم حسبما بينه الله تعالى اعتدادا بها وتلذذا بذكرها على رؤوس الأشهاد لتكون حكاية ذلك على ما أنبأ عنه النظم الكريم توبيخا ومزجرة للكفرة المختلفين في شأنه عليه السلام إفراطا وتفريطا وإبطالا لقولهما جميعا «إذ أيدتك» ظرف لنعمتي أي اذكر إنعامي عليكما وقت تأييدي لك أو حال منها أي اذكرها كائنة وقت تأييدي لك وقرئ آيدتك والمعنى واحد أي قويتك «بروح القدس» بجبريل عليه السلام لتثبيت الحجة
(٩٤)