تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٩٥
أو بالكلام الذي يحيى به الدين وإضافته إلى القدس لأنه سبب الطهر عن أوضار الآثام أو يحيى به الموتى أو النفوس حياة أبدية وقيل الأرواح مختلفة الحقائق فمنها طاهرة نورانية ومنها خبيثة ظلمانية ومنها مشرقة ومنها كدرة ومنها حرة ومنها نذلة وكان روحه عليه السلام طاهرة مشرقة نورانية علوية وأيا ما كان فهو نعمة عليهما «تكلم الناس في المهد وكهلا» استئناف مبين لتأييده عليه السلام أو حال من الكاف وذكر تكليمه عليه السلام في حال الكهولة لبيان أن كلامه عليه السلام في تينك الحالتين كان على نسق واحد بديع صادرا عن كمال العقل مقارنا لرزانة الرأي والتدبير به واستدل على أنه عليه السلام سينزل من السماء لما أنه عليه السلام رفع قبل التكهل قال ابن عباس رضي الله عنهما أرسله الله تعالى وهو ابن ثلاثين سنة ومكث في رسالته ثلاثين شهرا ثم رفعه الله تعالى إليه «وإذ علمتك الكتاب» عطف على قوله تعالى إذ أيدتك منصوب بما نصبه أي اذكر نعمتي عليكما وقت تعليمي لك والكتاب «والحكمة» أي جنسهما «والتوراة والإنجيل» خصا بالذكر مما تناوله الكتاب والحكمة إظهارا لشرفهما وقيل الخط والحكمة الكلام المحكم الصواب «وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير» أي تصور منه هيئة مماثلة لهيئة الطير «بإذني» بتسهيلي وتيسيري لا على أن يكون الخلق صادرا عنه عليه السلام حقيقة بل على أن يظهر ذلك يده عليه السلام عند مباشرة السباب مع كون الخلق حقيقة لله تعالى كما قيل عنه قوله تعالى «فتنفخ فيها» أي في الهيئة المصورة «فتكون» أي تلك الهيئة «طيرا بإذني» فإن إذنه تعالى لو لم يكن عبارة عن تكوينه تعالى للطير بل عن محض تيسيره مع صدور الفعل حقيقة عما اسند إليه لكان هذا تكونا من جهة الهيئة وتكرير قوله بإذني في الطير مع كونه شيئا واحدا للتنبيه على أن كلا من التصوير والنفخ أمر معظم بديع لا يتسنى ولا يترتب عليه شيء إلا بإذنه تعالى «وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني» عطف على تخلق «وإذ تخرج الموتى بإذني» عطف على إذ تخلق أعيد فيه إذ لكون إخراج الموتى من قبورهم لا سيما بعد ما صارت رميما معجزة باهرة ونعمة جليلة حقيقة بتذكير وقتها صريحا قيل أخرج سام بن نوح ورجلين وامرأة وجارية وتكرير قوله بإذني في المواضع الأربعة للاعتناء بتحقيق الحق ببيان أن تلك الخوارق ليست من قبل عيسى عليه الصلاة والسلام بل من جهته سبحانه قد أظهرها على يديه معجزة له ونعمة خصها به وأما ذكره في سورة آل عمران مرتين لما أن ذلك موضع الإخبار وهذا موضع تعداد النعم «وإذ كففت بني إسرائيل عنك» عطف على إذ تخرج أي منعت الهود الذين أرادوا بك السوء عن التعرض لك «إذ جئتهم بالبينات» بالمعجزات الواضحة مما ذكر وما لم يذكر كالإخبار بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ونحو ذلك وهو ظرف لكففت لكن لا باعتبار المجىء بها فقط بل باعتبار ما يعقبه من قوله تعالى «فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين» فإن قولهم ذلك مما يدل على أنهم قصدوا اغتياله عليه السلام المحوج إلى الكف أي كففتهم عنك حين قالوا ذلك عند مجيئك إياهم بالبينات وإنما وضع ضميرهم الموصول لذمهم بما في حيز الصلة فكلمة من بيانية وهذا إشارة إلى ما جاء به والتذكير لأن إشارتهم إلى ما رأوه من نفس المسمى من حيث هو أو من حيث هو سحر لا من حيث هو مسمى بالبينات وقرئ إن هذا إلا ساحر
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302