تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٨٥
فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال سلوني فوالله ما تسألوني عن شيء ما دمت في مقامي هذا إلا بينته لكم فأشفق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون بين يدي أمر قد حضر قال أنس رضي الله عنه فجعلت ألتفت يمينا وشمالا فلا أجد رجلا إلا وهو لاف رأسه في ثوبه يبكي فقام رجل من قريش من بني سهم يقال له عبد الله بن حذافة وكان إذا لاحى الرجال يدعى إلى غير أبيه وقال يا نبي الله من أبي فقال صلى الله عليه وسلم أبوك حذافة بن قيس الزهري وقام آخر وقال أين أبي قال صلى الله عليه وسلم في النار ثم قام عمر رضي الله عنه فقال رضينا بالله تعالى ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا نبيا نعوذ بالله تعالى من الفتن إنا حديثو عهد بجاهلية وشرك فاعف عنا يا رسول الله فسكن غضبه صلى الله عليه وسلم «عفا الله عنها» استئناف مسوق لبيان أن نهيهم عنها لم يكن لمجرد صيانتهم عن المساءة بل لأنها في نفسها معصية مستتبعة للمؤاخذة وقد عفا عنها وفيه من حثهم على الجد في الانتهاء عنها ما لا يخفى وضمير عنها للمسألة المدلول عليها بلا تسألوا أي عفا الله تعالى عن مسائلكم السالفة حيث لم يفرض عليكم الحج في كل عام جزاء بمسألتكم وتجاوز عن عقوبتكم الأخروية بسائر مسائلكم فلا تعودوا إلى مثلها وأما جعله صفة أخرى لأشياء على أن الضمير لها بمعنى لا تسألوا عن أشياء عفا الله عنها ولم يكلفكم إياها فمما لا سبيل إليه أصلا لاقتدائه أن يكون الحج قد فرض أولا في كل عام ثم نسخ بطرق العفو وأن يكون ذلك معلوما للمخاطبين ضرورة أن حق الوصف أن يكون معلوم الثبوت للموصوف عند المخاطب قبل جعله وصفا له وكلاهما ضروري الانتفاء قطعا على أنه يستدعي اختصاص النهي بمسألة الحج ونحوها إن سلم وقوعها مع أن النظم الكريم صريح في أنه مسوق للنهي عن السؤال عن الأشياء التي التي يسوؤهم إبداؤها سواء كانت من قبيل الأحكام والتكاليف الموجبة لمساءتهم بإنشائها وإيحابها بسبب السؤال عقوبة وتجديدا كمسألة الحج لولا عفوه تعالى عنها أو من قبيل الأمور الواقعة قبل السؤال الموجبة للمساءة بالإخبار بها كمسألة من قال اين أبي إن قلت تلك الأشياء غير موجبة للمساءة البتة بل هي محتملة لإيجاب المسرة أيضا لأن إيجابها للأولى إن كانت من حيث وجودها فهي من حيث عدمها موجبة للأخرى قطعا وليست إحدى الحيثيتين محققة عند السائل وإنما غرضه من السؤال ظهورها كيف كانت بل ظهورها بحيثية إيجابها للمسرة فلم يعبر عنها بحيثية إيجابها للمساءة قلت لتحقيق المنهي عنه كما ستعرفه مع ما فيه من تأكيد النهي وتشديده لأن تلك الحيثية هي الموجبة للانتهاء والانزجار لا حيثية إيجابها للمسرة ولا حيثية ترددها بين الإيجابين إن قيل الشرطية الثانية ناطقة بأن السؤال عن تلك الأشياء الموجبة للمساءة مستلزم لإبدائها البتة كما مر فلا تخلف الإبداء عن السؤال في مسئلة الحج حيث لم يفرض في كل عام قلنا لوقوع السؤال قبل ورود النهي وما ذكر في الشرطية إنما هو السؤال الواقع بعد وروده إذ هو الموجب للتغليظ والتشديد ولا تخلف فيه إن قيل ما ذكرته إنما يتمشى فيم إذا كان السؤال عن الأمور المترددة بين الوقوع وعدمه كما ذكر من التكاليف الشاقة وإما إذا كان عن الأمور الواقعة قبله فلا يكاد يتسنى لأن ما يتعلق به الإبداء هو الذي وقع في نفس الأمر ولا مرد له سواء كان السؤال قبل النهي أو بعده وقد يكون الواقع ما يوجب المسرة كما في مسئلة عبد الله بن حذافة فيكون هو الذي يتعلق به الإبداء لا غيره فيتعين للتخلف حتما قلنا لا احتمال للتخلف فضلا عن التعين فإن المنهي عنه في الحقيقة إنما هو السؤال عن الأشياء الموجبة
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302