تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٦١
المائدة آية 68 أصلا من الأسرار الخفية ليست مما يقصد تبليغه إلى الناس أي فما بلغت شيئا من رسالته وانسلخت مما شرفت به من عنوان الرسالة بالمرة لما أن بعضها ليس أولى بالأداء من بعض فإذا لم تؤد بعضها فكأنك أغفلت أداءها جميعا كما أن من لم يؤمن ببعضها كان كمن لم يؤمن بكلها لإدلاء كل منها بما يدليه غيرها وكونها لذلك في حكم شيء واحد ولا ريب في أن الواحد لا يكون مبلغا غير مبلغ مؤمنا به غير مؤمن به ولأن كتمان بعضها إضاعة لما أدى منها كترك بعض أركان الصلاة فإن غرض الدعوة ينتقض بذلك وقيل فكأنك ما بلغت شيئا منها كقوله تعالى فكأنما قتل الناس جميعا من حيث أن كتمان البعض والكل سواء في الشناعة واستجلاب العقاب وقرئ فما بلغت رسالاتي وعن ابن عباس رشي الله عنهما إن كتمت آية لم تبلغ رسالاتي وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني الله برسالاته فضقت بها ذرعا فأوحى الله إلي إن لم تبلغ رسالاتي عذبتك وضمن لي العصمة فقويت وذلك قوله تعالى «والله يعصمك من الناس» فإنه كما ترى عدة كريمة بعصمته من لحوق ضررهم بروحه العزيز باعثة له صلى الله عليه وسلم على الجد في تحقيق ما أمر به من التبليغ غير مكترث بعداوتهم وكيدهم وعن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يحرس حتى نزلت فأخرج رأسه من قبة أدم فقال انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من الناس وقوله تعالى «إن الله لا يهدي القوم الكافرين» تعليل لعصمته تعالى له صلى الله عليه وسلم أي لا يمكنهم مما يريدون بك من الأضرار وإيراد الآية الكريمة في تضاعيف الآيات الواردة في حق أهل الكتاب لما أن الكل قوارع يسوء الكفار سماعها ويشق على الرسول صلى الله عليه وسلم مشافهتهم بها وخصوصا ما يتلوها من النص الناعي عليهم كمال ضلالتهم ولذلك أعيد الأمر فقيل «قل يا أهل الكتاب» مخاطبا للفريقين «لستم على شيء» أي دين يعتد به ويليق بأن يسمى شيئا لظهور بطلانه ووضوح فساده وفي هذا التعبير من التحقير والتصغير ما لا غاية وراءه «حتى تقيموا التوراة والإنجيل» اي تراعوهما وتحافظوا على ما فيهما من الأمور التي من جملتها دلائل رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وشواهد نبوته فإن إقامتهما إنما تكون بذلك وأما مراعاة أحكامهما المنسوخة فليست من إقامتهما في شيء بل هي تعطيل لهما ورد لشهادتهما لأنهما شاهدان بنسخها وانتهاء وقت العمل بها لأن شهادتهما بصحة ما ينسخها شهادة بنسخها وخروجها عن كونها من أحكامهما وأن أحكامهما ما قرره النبي الذي بشر فيهما ببعثته وذكر في تضاعيفهما نعوته فإذن إقامتهما بيان شواهد النبوة والعمل بما قررته الشريعة من الأحكام كما يفصح عنه قوله تعالى «وما أنزل إليكم من ربكم» اي القرآن المجيد بالإيمان به فإن إقامة الجميع لا تتأتى بغير ذلك وتقديم إقامة الكتابين على إقامته مع أنها المقصودة بالذات لرعاية حق الشهادة واستنزالهم عن رتبة الشقاق وإيراده بعنوان الإنزال إليهم لما مر من التصريح بأنهم مأمورون بإقامته والإيمان به كما لا يزعمون من اختصاصه بالعرب وفي إضافة الرب إلى ضميرهم ما أشير إليه من اللطف في الدعوة وقيل المراد بما
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302