وخرجوا وقد وإن دخلت لتقريب الماضي من الحال ليصح أن يقع حالات أفادت أيضا بما فيها من معنى التوقع أن أمارات النفاق كانت لائحة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يظنه ويتوقع أن يظهره الله تعالى ولذلك قيل «والله أعلم بما كانوا يكتمون» أي من الكفر وفيه وعيد شديد لهم وترى خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب والرؤية بصرية كثيرا منهم من اليهود والمنافقين وقوله تعالى «يسارعون في الإثم» حال من كثيرا وقيل مفعول ثان والرؤية قلبية والأول أنسب بحالهم وظهور نفاقهم والمسارعة المبادرة والمباشرة للشيء بسرعة وإيثار كلمة في على كلمة إلى الواقعة في قوله تعالى وسارعوا إلى مغفرة الخ لما ذكر في قوله تعالى فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم والمراد بالإثم الكذب على الإطلاق وقيل الحرام وقيل كلمة الشرك وقولهم عزير ابن الله وقيل هو ما يختص بهم من الآثام «والعدوان» أي الظلم المتعدي إلى الغير أو مجاوزة الحد في المعاصي «وأكلهم السحت» أي الحرام خصه بالذكر مع اندراجه في الإثم للمبالغة في التقبيح «لبئس ما كانوا يعملون» أي لبئس شيئا كانوا يعملونه والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل للدلالة على الاستمرار «لولا ينهاهم الربانيون والأحبار» قال الحسن الربانيون علماء الإنجيل والأحبار علماء التوراة وقيل كلهم في اليهود وهو تحضيض للذين يقتدى بهم أفناؤهم ويعلمون قباحة ما هم فيه وسوء مغبته على نهي أسافلهم عن ذلك مع توبيخ لهم على تركه «عن قولهم الإثم وأكلهم السحت» مع علمهم بقبحهما ومشاهدتهم لمباشرتهم لهما «لبئس ما كانوا يصنعون» وهذا أبلغ مما قيل في حق عامتهم لما أن العمل لا يبلغ درجة الصنع ما لم يتدرب فيه صاحبه ولم يحصل فيه مهارة تامة ولذلك ذم به خواصهم ولأن ترك الحسنة أقبح من مواقعه المعصية لأن النفس تلتذ بها وتميل إليها ولا كذلك ترك الإنكار عليها فكان جديرا بأبلغ ذم وفيه مما ينعى على العلماء توانيهم في النهي عن المنكرات ما لا يخفى وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنهما أشد آية في القرآن وعن الضحاك ما في القرآن آية خوف عندي منها «وقالت اليهود» قال ابن عباس وعكرمة والضحاك إن الله تعالى كان قد بسط على اليهود حتى كانوا من أكثر الناس
(٥٧)