تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٦٥
الجنايات الصادرة عنهم لا تكاد تتناهى خلا أن انحصار ما حكي عنهم ههنا في المرتين وترتبه على حكاية ما فعلوا بالرسل عليهم السلام يقضي بأن المراد ما ذكرناه والله عنده علم الكتاب وقرئ عموا وصموا بالضم على تقدير عماهم الله وصمهم أي رماهم وضربهم بالعمى والصمم كما يقال نزكته إذا ضربته بالنيزك وركبته إذا ضربته بركبتك وقوله تعالى «كثير منهم» بدل من الضمير في الفعلين وقيل خبر مبتدأ محذوف أي أولئك كثير منهم «والله بصير بما يعملون» اي بما عملوا وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا لصورتها الفظيعة ورعاية للفواصل والجملة تذييل أشير به إلى بطلان حسبانهم المذكور ووقوع العذاب من حيث لم يحتسبوا إشارة إجمالية اكتفى بها تعويلا على ما فصل نوع تفصيل في سورة بني إسرائيل والمعنى حسبوا أن لا يصيبهم عذاب ففعلوا ما فعلوا من الجنايات العظيمة المستوجبة لأشد العقوبات والله بصير بتفاصيلها فكيف لا يؤاخذهم بها ومن اين لهم ذلك الحسبان الباطل ولقد وقع ذلك في المرة الأولى حيث سلط الله تعالى بخت نصر عامل لهراسب على بابل وقيل جالوت الجزري وقيل سنجاريب من أهل نينوى والأول هو الأظهر فاستولى على بيت المقدس فقتل من أهله أربعين ألفا ممن يقرأ التوراة وذهب بالبقية إلى أرضه فبقوا هناك على أقصى ما يكون من الذل والنكد إلى أن أحدثوا توبة صحيحة فردهم الله عز وجل إلى ما حكي عنهم من حسن الحال ثم عادوا إلى المرة الآخرة من الإفساد فبعث الله تعالى عليهم الفرس فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه خيدرود وقيل خيدروس ففعل بهم ما فعل قيل دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلي فسألهم فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقوني فقتل عليه ألوفا منهم ثم قال إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدا فقالوا إنه دم يحيى عليه السلام فقال بمثل هذا ينتقم الله تعالى منكم ثم قال يحيى قد علم ربي وربك ما أصاب قومك من أجلك فاهدأ باذن الله تعالى قبل أن لا أبقي أحدا منهم فهدأ «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» شروع في تفصيل قبائح النصارى وإبطال أقوالهم الفاسدة بعد تفصيل قبائح اليهود وهؤلاء هم الذين قالوا إن مريم ولدت إلها قيل هم الملكانية والمار يعقوبية منهم وقيل هم اليعقوبية خاصة قالوا ومعنى هذا أن الله تعالى حل في ذات عيسى واتحد بذاته تعالى عن ذلك علوا كبيرا «وقال المسيح» حال من فاعل قالوا بتقدير قد مفيده لمزيد تقبيح حالهم ببيان تكذيبهم للمسيح وعدم انزجارهم عما اصروا عليه بما أوعدهم به أي قالوا ذلك وقد قال المسيح مخاطبا لهم «يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم» فإني عبد مربوب مثلكم فاعبدوا خالقي وخالقكم «أنه» اي الشأن «من يشرك بالله» اي شيئا في عبادته أو فيما يختص به من صفات الألوهية «فقد حرم الله عليه الجنة» فلن يدخلها أبدا كما لا يصل المحرم عليه إلى
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302